الكويت : جريدة الجريدة الكويتية | المحاميان العسعوسي والبسام: طعن الجهة الإدارية بـ «التمييز» على الحكم جاء وبالاً عليها



أعلن مكتب المحاميين بسام العسعوسي وفهد البسام تعليقا على الحكم الذي صدر من محكمة التمييز، الذي قضى بإلغاء القرارات الخاصة بتعيين الخبراء، بعدة محلاحظات تتضمن الآتي:

أولاً: نوجه التحية إلى القضاء الكويتي الراسخ الذي يسطر بحروف من نور كيفية مواجهة الظلم والمحسوبية والحفاظ على مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص وإرساء قواعد العدالة والمساواة، والذي أرسى قاعدة أن الظلم بعينه هو أن تحيد عن الحق بعد أن ظهرت الحقيقة، وأكد أن الرجوع للحق خير من التمادي في الباطل، حتى وإن كان ذلك يشكل صعوبات بالغة لجهة الإدارة.

ثانياً: هناك بعض الإشكاليات القانونية التي أثارها الحكم، على الرغم من دقة الصياغة اللغوية والأدبية:

(1) اكتنفه بعض الغموض واللبس حول القاعدة القانونية التي تقرر عدم إضرار الطاعن بطعنه، بحسبان أن جهة الإدارة هي الطاعنة، إذ إن حكم محكمة الدرجة الأولى ومن بعده حكم محكمة الاستئناف قضى بإلغاء القرارات الخاصة بتعيين الخبراء إلغاء نسبيا فيما تضمنه من أحقية المدعية في التعيين، حيث تضمنت دعواها سحب القرار رقم 2012 لسنة 2016 بخصوص تخطيها في التعيين، وقد قضت محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الطلبين الأول والثاني، وقضت بقبول الطلب الثالث شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرارات المطعون فيها أرقام 595- 687- 785- 814- 882/ 2017 فيما تضمنته من تخطي المدعية في التعيين بوظيفة خبير حسابي، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصّها تعيينها في تلك الوظيفة.

وبالتالي، فإن الحكم الابتدائي لم يتناول في قضائه القرارات الإدارية أرقام 53 حتى 283 الصادرة بتعيين الخبراء، وقضت بعدم قبول الطلب المبدى من المدعية بخصوصها، وقضت في الدعوى بقضائها المار الإلماح.

وارتضت المدعية هذا الحكم، ولم ترتض الجهة الإدارية بالحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى، فطعنت عليه بالاستئناف رقم 37/ 2019 في حدود ما قضى به حكم محكمة الدرجة الأولى، وقد قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف موضوعا، ولم يتناول الحكم القرارات الإدارية من 53 حتى 283 الصادرة بتعيين الخبراء، وبالتالي فإن تلك القرارات قد تحصنت من الطعن عليها، وأصبح الحكم نهائياً بقضائه بعدم قبول طلب المدعية إلغاء تلك القرارات، وبالتالي فإنه يجوز الحجية بصيرورته نهائيا، وأن اعتبارات الحجية تسمو على النظام العام، وأن تداعي المنطق يطرح السؤال التالي:

ماذا لو أن الجهة الإدارية ارتضت ذلك الحكم، ولم تطعن عليه بالتمييز؟، بالضرورة كانت القرارات أرقام 53 حتى 283 بعيدا عن الإلغاء.

طعنت الجهة الإدارية على الحكم بالتمييز رقم 911/ 2019 إداري /2 في حدود ما قضى به حكم الاستئناف المؤيد للحكم الابتدائي، ولم يتطرق الطعن إلى القرارات أرقام 53 حتى 283، إلا أن محكمة التمييز لم تراع في حكمها حجية الحكم المطعون فيه بخصوص عدم قبول طلب المدعية إلغاء تلك القرارات، والتي تحصنت لمجرد صيرورة الحكم الاستئنافي نهائياً وعدم طعن المدعية على الحكم بخصوص ذلك الطلب، وقضت محكمة التمييز بإلغاء القرارات 53 حتى 283، ولم تراع المبدأ القانوني أن اعتبارات الحجيّة تسمو على النظام العام.

وبالتالي، فإن طعن الجهة الإدارية بالتمييز على الحكم قد صدر وبالا عليها، وتضررت من هذا الطعن، حيث إنها لو لم تطعن بالتمييز، وارتضت بالحكم فيما قضى به من إلغاء القرارات أرقام 595-687-785-814-822/ 2017 لكان أفضل لها من الطعن بالتمييز الذي أضر بها.

(2) الإشكالية القانونية الأكثر تعقيدا، هل تم استبعاد الخبراء السابق تعيينهم بموجب القرارات الملغاة من التقديم في المسابقات اللاحقة، حيث أورد الحكم في حيثياته (ص 16) ما يدل على ذلك، حيث جاء بالحكم: «ويتعين على الإدارة إصدار إعلان جديد عن شغل وظائف الخبرة المشار إليها، وإجراء مسابقة واستبعاد من شغل وظائف إدارة الخبراء عن هاتين الفترتين وسحب القرارات الصادرة بهذا الشأن».

ثالثا: هل سيترتب على هذا الحكم بطلان الأحكام التي صدرت بناء على أعمال وتقارير هؤلاء الخبراء، بعد ثبوت بطلان قرارات التعيين الخاصة بهم بأثر رجعي، وذلك إعمالاً لقاعدة ما بُني على باطل فهو باطل؟

رابعا: أن إلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين سيترتب عليها بالضرورة نسبة الخطأ إلى وزارة العدل، لعدم مراعاة الشفافية والإنصاف ومبادئ الدستور التي تكفل تكافؤ الفرص، وهذا الخطأ التقصيري من جانب وزارة العدل يستتبع بالضرورة تعويض وزارة المالية بخصوص المبالغ التي أنفقتها الدولة بشأن تلك المسابقة الخاصة بالتعيين الباطل، كما أنه سيقود إلى مواجهة القائمين على وزارة العدل في الفترة التي صدرت فيها قرارات تعيين بشبهة الفساد.

المحامي

تاريخ النشر: 2019-12-03 00:05:00

الناشر/الكاتب:

الجريدة | قصر العدل – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية