بين سندان القانون ومطرقة الأعراف

نظام الارشفة الالكترونية

يقول الفيلسوف والكاتب والمحامي والمؤرخ الفرنسي مونتسكيو «ليس لأن الشعب يضع الحرية في وسط دستوره يعني أنه أصبح شعباً حراً».
تقوم الحضارة الحديثة على عقد اجتماعي، تنظم به العلاقات بين أفراد المجتمع والسلطة الحاكمة، وتصان به حقوق الأفراد وتحفظ حرياتهم، ويعامل الجميع بعدالة على حد سواء.
السؤال هو: هل العازب مواطن؟
بشكل عام يخضع العازب (امرأة/ رجل) في الشرق الأوسط لسندان القانون ومطرقة الاعراف والتقاليد، وطبعا تحظى المرأة بنصيب الأسد من تلك المواريث، فكلاهما منبوذان، يُنظر إليهما نظرة مقززة، وكأنهما موبوآن بمرض خطير يصعب علاجه.. فبسبب الأعراف والتقاليد لا يستطيع أن يستأجر المواطن العازب (امرأة/ رجل) منزلاً مستقلاً، حيث يرفض معظم أصحاب العقار تأجير عقاراتهم السكنية من دون عقد زواج!
علماً بأنهم مواطنون، ويفترض أن تكون لهم نفس الحقوق والواجبات التي تحظى بها بقية شرائح المجتمع.
وتتعرض المرأة العازبة بشكل خاص لمطرقة الأعراف والتقاليد، التي لا ترحم ولا تستكين، خصوصاً إذا رغبت المرأة بالاستقلال بسكن خاص بها! فالرجل في مجتمعاتنا، كما يرددون، «يشيل عيبه». أما المرأة، فينظر إليها نظرة وكأنها ارتكبت جرماً شنيعاً، ويفرض عليها أن تصبر وتتحمل كل المآسي التي قد تتعرض إليها في بيت أهلها خوفاً من نقد المجتمع، حتى وإن تعرضت للاعتداء والتعنيف والاضطهاد فعليها أن تبقى صامتة، لكي لا تجلب العار وتعري المستور من تلك الأمراض النفسية المسكوت عنها في المجتمع، وغير القابلة للحصر، خوفاً من الوصمة الاجتماعية!
لا أعلم إلى متى سيظل المجتمع يحكم على المرأة بسوء نية، فهناك بالفعل من يعانين من تلك الأعراف والتقاليد الجامدة، وكذلك من التشريعات والقوانين القاصرة وغير الإنسانية، لقد بخس المشرّع، على سبيل المثال لا الحصر، حق المواطن العازب (امرأة/ رجل) في الرعاية السكنية، رغم أن الدستور صان حقوق المواطنين بلا تمييز.
وبالنسبة للقانون، الذي من المفترض أن يكون منصفاً، نرى أن قانون الإسكان يحرم المواطن العازب (امرأة/ رجل) الحق في طلب قرض السبعين ألفاً، وذلك تمييز صريح ومناف لنصوص الدستور، وتحظى هنا المرأة الكويتية غير المتزوجة، عندما تبلغ الأربعين عاماً، بسكن منخفض الإيجار، ويشترط كذلك أن يكون عدد من يوفر لهن السكن الملائم من نفس الفئة العمرية في السكن الواحد امرأتين، تتوافر فيهما شروط الاستحقاق من ذوات القربى حتى الدرجة الثالثة، على أن يحرر عقد الإيجار باسميهما معاً.
أليس في ذلك تعجيز وإجحاف وتمييز؟!
وماذا عمّن هن دون ذلك العمر؟ ألسن مواطنات ولديهن نفس الحقوق والواجبات؟
إن دور مؤسسات المجتمع المدني مهم جداً لتوعية هذه الفئة بحقوقها الإنسانية المكفولة بالدستور، وضرورة تحفيزها على التفاعل والعمل بشكل منظم على وضع حد لتلك التشريعات والقوانين المناهضة لمواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان، وهذا يتطلب تكثيف الجهود والعمل على طرح برنامج مدروس يحصر كل الاختلالات المرصودة في تلك القوانين غير المنصفة، وعرضها على اللجان المختصة في مجلس الأمة، والضغط والمتابعة المستمرة التي هي السبيل الوحيد لإنصاف حق هذه الفئة المنسية.
ترتقي الأوطان بولاء الشعوب التي تحظى بحقوقها.

إيمان جوهر حيات

[email protected]

المصدر من القبس

نظام الارشفة الالكترونية