جريدة الجريدة الكويتية | المحامي العبدالله: الدستور لم يحصن القرارات الإدارية وصدور أحكام بتقادم جرائم تزوير الجنسية لا يمنع من رقابة القضاء


قانون مكافحة الفساد اعتبر قضية التزوير من جرائم الفساد ولا تسقط بالتقادم
الدستور كفل للمواطنين حق التقاضي وحجب «القضاء» في بعض المسائل إهدار لذلك الحق

فشل مجلس الأمة في إقرار تعديل قانون إنشاء الدائرة الإدارية يسمح بالطعن على قرارات السحب والإسقاط للجنسية أمام المحكمة الإدارية، وتأييد استمرار حجب رقابة القضاء على القرارات الإدارية الخاصة بالسحب أو الإسقاط، بعدما نجح بعض المعترضين على التعديل على تسويق مجموعة من المسائل المخالفة للواقع والمنطق تارة، وللقانون والدستور تارة أخرى.

وأبرز الاعتراضات التي وجهت الى تعديل هذا القانون، تصوير هذا التعديل أنه يأتي لحماية المزورين أو المزدوجين، في محاولة واضحة تهدف الى تنفير المجلس والاعضاء من الإقدام على هذا التعديل، الذي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بتهم التزوير ولا بحماية مرتكبيها.

ورغم غياب العديد من الحقائق عن جلسة مناقشة قانون إنشاء الدائرة الإدارية، فإن الواجب القانوني يحتم عرضها بعد أن غادر النواب مقاعدهم، وأغلقت مضبطة المجلس على قرار رفض التعديل الذي لا يمنع الدستور من إمكان معاودة طرحه في دور الانعقاد أو الدور الذي يليه، بعد أن يستغرق التعديل الجانب الفني من المناقشة القانونية التي غيبت عن جلسة مناقشة قانون التقاضي أمام المحكمة الإدارية.

وفي هذه الدراسة القانونية التي أعدها المحامي حسين العبدالله يتم تسليط الضوء على جملة من القضايا التي صاحبت جلسة مناقشة تعديل قانون إنشاء الدائرة الإدارية، بما يسمح بالنظر في قرارات السحب أو الإسقاط الخاصة بالجنسية.

أولاً: أعمال السيادة ومسائل الجنسية

أجمع الفقه والقضاء على عدم وجود تعريف محدد لأعمال السيادة التي تمارسها الدولة في علاقتها مع الخارج تجاه المنظمات والاتفاقيات الدولية أم بعلاقاتها مع الداخلية، لكن الاتفاق على أن يكون تحديد صور تلك الأعمال بيد القضاء، وبالرجوع إلى الفقه والقضاء المقارن، فقد اعتبر أن علاقات الدولة الخارجية هي من صور أعمال السيادة وعلاقاتها.

وفي ذلك قال د. خليل عثمان الخبير الدستوري، الذي اشرف على وضع الدستور الكويتي في مؤلفه بشأن مجلس الدولة، إنه «نظراً لتعذر وجود معيار دقيق لأعمال السيادة، عمد الباحثون الى استقراء أحكام المحاكم واستخراج قائمة منها، تتضمن كل ما اعتبر عملا سياديا، ومن ثم فلا يوجد حتى الان تعريف لها، وتخضع اعتباراتها كنظرية إلى جهد قضائي من المحاكم، فما تعتبره محكمة عملا سيادسا قد لا يكون كذلك بالنسبة إلى أخرى».

وثارت العديد من التساؤلات قبل مناقشة مجلس الأمة قانون إنشاء الدائرة الإدارية بشأن اعتبار مسائل الجنسية من اعمال السيادة، وضرورة إخراجها من رقابة القضاء، الذي هو ممنوع عليه بحكم المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء النظر فيها، الا أن الإجابة عن تلك التساؤلات تكمن بعد عرض المسائل الآتية:

أولاً: نص الدستور الكويتي بحكم المادة 27 منه على أن «الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا في حدود القانون»، والحكم في نص المادة 27 من الدستور واضح بأن الأداة التشريعية التي تنظم الجنسية الكويتية تكون عن طريق قانون وليست أي أداة أخرى، كما أن سحب الجنسية أو اسقاطها يكون في حدود الحالات التي أوردها القانون المنظم لشؤون الجنسية، ومن ثم فإن الضامن لتطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 27 من الدستور التي تنص (لا يجوز اسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون) هو القضاء وإلا فمن يراقب تطبيق جهة الإدارة لأحكام قانون الجنسية بالشكل الذي نهى عنه الدستور إلا القضاء».

قرارات إدارية

وفي ذلك أكدت محكمة التمييز الإدارية في الحكم الصادر منها بتاريخ 23 مارس 2016 بالطعون 647 و659 و694/2015 أن ضمان تطبيق أحكام المادة 27 من الدستور لا يتأتي إلا من خلال إعطاء القضاء حق مراقبة مشروعية تلك القرارات الإدارية، واستظهار مدى انضباطها داخل أطر المشروعية الحاكمة، كما أن المادة 166 من الدستور كفلت حق التقاضي للناس، وفي حجب القضاء ومنعه من الفصل في بعض المسائل إهدار لذلك الحق، وبالتالي يتعين تفسير ما ورد في الفقرة (خامسا) من المادة الأولى من استبعاد القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من اختصاص هذه الدائرة بأنه خاص بمنح الجنسية لمن تتوافر فيه شروط التجنيس أو حجبها عنه، باعتبار أن هذين الأمرين يتسمان بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من ينضم الى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره».

إجراءات لازمة

ثانياً: نص الدستور في المادة 166 منه على أن «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق»، ويتضح من احكام تلك المادة أن الدستور كفل بأحكام المادة 166 منه على حق التقاضي لجميع الناس وأسند للقانون بيان الإجراءات والأوضاع لممارسة هذا الطريق فقط دون قيد أو حجب أو تعطيل له، فإذا ما ثبت وجود قيد وضعه المشرع لتعطيل ممارسة هذا الحق، فإن ذلك التعطيل يعد انتهاكا لأحكام الدستور، فالدستور رخص ممارسة هذا الحق وأباح ممارسته للجميع، وأناط للمشرع تنظيم ممارسته لا مصادره ومنع استخدامه، رغم كونه من الحقوق اللصيقة بالإنسان، وهو ما نصت عليه أحكام الفقرة الأولى من المادة السابعة من الدستور بأن (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع).

ثالثاً: خلا الدستور الكويتي من تحصين أي قرار من رقابة القضاء، بل على العكس كفل حق التقاضي للناس جميعا، رغم أن نصوصه جاءت لاحقة على أحكام قانون الجنسية الصادر عام 1959، ونص بحكم المادة 27 منه بعدم جواز اسقاط الجنسية أو السحب الا في حدود القانون، وهو ما يعني أن المشرع الدستوري أراد عدم تحصين أي قرار متصلا بالجنسية من رقابة القضاء، خصوصا ما نهى عنه بعدم جواز السحب أو الإسقاط الا في حدود القانون.

مسائل سياسية

رابعاً: إن الإشارة الواردة في المذكرة التفسيرية لقانون الجنسية بأن الجنسية تعد من المسائل السياسية، وهو ما يعني ربطها بأن القرارات الصادرة بها تتعلق بمسائل سياسية، هو ربط بالإمكان تفسيره إلى منحى آخر له وجاهته، واستقر قضاء محكمة التمييز لسنوات عليه، وهو أن تحديد الدولة لشعبها واختيار أفراده من المسائل المرتبطة بكيان الدولة، وتقرير من ينتمي الى شعبها، ولا يتعدى ذلك الربط بمن حصلوا فعلا على الجنسية اكتسابا بالولادة أو بالتجنيس، لأنهم تجاوزا مرحلة المنع، وهي مرحلة سياسية بعد حصولهم على الجنسية من قبل الدولة بعد انطباق إحدى المواد بحقهم.

كما أننا لو سلمنا جدلا بتحصين رقابة القضاء المطلقة من بحث أي مسألة من مسائل الجنسية بذريعة مفهوم الاعتبارات السياسية الوارد بالمذكرة التفسيرية لقانون الجنسية، لانتهينا أيضا بعدم جواز رقابة البرلمان على اعمال الحكومة المتصلة بشؤون الجنسية، لأنها أيضا من المسائل السياسية التي لا يجوز بحثها من البرلمان كذلك، رغم أن ما ورد لا يعد الا تفسيراً ورد بحكم المذكرة التفسيرية لا يرقى لأن يرتب التزاما قانونيا، كما أن تفسيره يحتمل أكثر من مقصد ولا ينتهي الى معنى واحد ومحدد.

أعمال السيادة

خامساً: إن نص المادة (2) من قانون تنظيم القضاء رقم 23 لسنة 1990 بأنه «ليس للمحاكم ان تنظر في اعمال السيادة»، فعلى الرغم من مخالفته لأحكام المادة 166 من الدستور، فإن النص لم يحدد ما هي أعمال السيادة انما ترك امر تحديدها للمحاكم، ومن ثم فإن اعتبار الحالات الواردة في نص المادة الأولى فقرة (خامسا) من صور اعمال السيادة أمر تعوزه الدقة، وقياس في غير محله، وذلك على النحو التالي:

1- إن المشرع لم ينص في احكام قانون تنظيم القضاء ولا حتى بقانون إنشاء الدائرة الإدارية على صور لأعمال السيادة، حتى يمكن اعتبار ما تم إخراجه من رقابة القضاء الإداري من طلبات للالغاء بالفقرة خامساً من المادة الأولى، ومن ثم فما قصده المشرع في أعمال السيادة بقانون تنظيم القضاء يختلف اختلاف ألبتة عن تحصينه لبعض القرارات في قانون إنشاء الدائرة الإدارية، وإزاء ذلك الاختلاف لا يمكن فهم صور أعمال السيادة التي بالإمكان تطبيق نص المادة (2) من قانون تنظيم القضاء عليها إلا بصور اعمال السيادة التي اتفق عليها الفقه والقضاء المقارن، الذي انطلقت منه نظرية أعمال السيادة.

كما أن الفقه والقضاء المقارن حسم بشكل واضح وصريح اختصاص القضاء الإداري بالرقابة على قرارات إسقاط الجنسية، أو النظر بقرارات إبعاد الأجانب، واعتبر القرارات الصادرة بشأنها من القرارات الإدارية التي تدخل باختصاص القضاء الإداري.


المحاكم الجزائية

2- إن التسليم بمفهوم أن مسائل الجنسية تعد من قبيل أعمال السيادة، وأنه لا يجوز للمحاكم أن تقوم بنظرها يقود أيضا إلى عدم جواز نظر المحاكم اليوم، ومنها الجزائية لقضايا تزوير الجنسية المحالة اليها من النيابة العامة بناء على بلاغات من قبل وزارة الداخلية، لأن نص المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء ينص بكل وضوح (ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة)، وهل سيرد اصحاب هذا الرأي بأن هذا الأمر مختلف، لأننا أمام جرائم وقانون إنشاء الدائرة الإدارية تحدث الى طلبات الغاء والرد على ذلك بأنه لا ربط بين الاثنين، لأننا لو سلمنا جدلا بأن مفهوم مسائل الجنسية من أعمال السيادة، فان كل ما يعرض على المحاكم بشأن الجنسية ايضا من اعمال السيادة، وهو قول تعوزه الدقة.

3- إن القول بعمومية تحصين كل مسائل الجنسية دون التفريق بينها تكبيل غير مبرر لحق التقاضي، وانتهاك لأحد الحقوق التي كفلها الدستور بأحقية الناس في اللجوء الى القضاء، وطلب بحث رقابته على القرارات الإدارية، وقيامه بفحص القرارات الإدارية مهما بلغت درجاتها، فالتسليم بعمومية تحصين كل مسائل الجنسية يجعل القضاء غير مختص بالرقابة على قرار سلبي بالامتناع عن استخراج شهادة الجنسية لمواطنة، وهي التي اكتسبتها بالولادة، ويجعل المطالبة بأحقية الجنسية، بعد أن تم اثبات نسب مواطن لأبيه المتوفى، وإزاء ذلك التسليم الخاطئ بالمفهوم فرق القضاء بما هو ممنوع عليه بأنها طلبات المنح أو المنع للجنسية الكويتية، لكونه مرتبطا بكيان الدولة، وهو التفسير الذي استعان به الفقه والقضاء المقارن، بينما قرارات السحب والإسقاط للجنسية تدخل تحت رقابة القضاء.

صورة ضوئية من منطوق حكم محكمة الجنايات الذي انتهى بعد تقرير سقوط الدعوى بالتقادم إلى الحكم بمصادرة المحررات المزورة وهي شهادة الجنسية وتم تأييد هذا الحكم من «الاستئناف»

4- المسألة الأخيرة ان القرارات الإدارية المستندة الى الغش والتزوير استقر القضاء الإداري على انها معدومة، ومن ثم فلا تخضع للتقادم، مهما بلغ بها الزمن، وبالتالي لا يمكن الاحتجاج جدلا بسقوط الدعوى الجزائية بالتقادم، وان مثل هذا التقادم سينعكس على الدعوى الإدارية، وهو قول غير دقيق، لأنها قرارات معدومة، ولا يمكن التمسك بها تجاه الدولة ومؤسساتها.

وظيفة القاضي الإداري

وبعد تناول نظرية أعمال السيادة يتعين فهم طبيعة عمل القاضي الإداري فيما لو أسندت اليه اليوم مهمة النظر في القرارات الإدارية الخاصة بمسائل الجنسية، ويختص القاضي الإداري بموجب قانون إنشاء الدائرة الإدارية، بحسب ما استقر عليه الفقه والقضاء المقارن على مشروعية القرارات الإدارية، وبعدما يبسط رقابته تلك، وبعد استيفاء الدعوى للإجراءات الشكلية من صفة ومصلحة لرافع الدعوى، يقرر القضاء إما سلامة القرار الإداري مع رفض الدعوى، وإما الغاء القرار مع تسوية آثاره، وإما الحكم بالتعويض بعد ثبوت خطأ الإدارة في إصدار تلك القرارات.

قرارات إدارية

تكمن الرقابة القضائية الإدارية على مشروعية القرارات الإدارية بفحص الأركان التي يقوم عليها القرار الإداري ضماناً وتأكيداً لسلامة تلك الأركان، التي يستند اليها القرار الإداري، فلو صحت جميعها صح القرار الإداري، فيما لو فسد ركن منها فسد القرار الإداري، بعدما فقد أحد المقومات التي اشترطها القانون في القرار.

والمشرع الكويتي وقبله الفقه والقضاء المقارن اتفق على تسمية أركان القرار الإداري ومقوماته، التي يتعين توافرها جميعا، حفاظا على شرعية القرارات الإدارية، وتلك الأركان تكمن بالاختصاص والشكل والمحل والسبب والغاية.

وفي هذا، قال د. عبدالرزاق السنهوري في بحثه المنشور في مجلة مجلس الدولة حول مخالفة التشريع للدستور، «إن كل قرار إداري يقوم على خمسة اركان، فهو قرار يصدره موظف مختص بإصداره في الشكل الذي يوجبه القانون لإنشاء مركز قانوني صادر عن أسباب معينة، مستهدفا لغاية تتفق مع المصلحة العامة، ولكل ركن من تلك الأركان عيب يتصل به، فركن الاختصاص يقابله وجه الطعن بعدم الاختصاص، وركن الشكل يقابله وجه الطعن بعيب الشكل، وركن المحل يقابله وجه الطعن بمخالفة القانون، وركن السبب يقابله وجه الطعن بانعدام الأسباب، وركن الغاية يقابله وجه الطعن بالانحراف في استعمال السلطة».

إلغاء إداري

بينما قال الخبير الدستوري د.عثمان خليل عثمان، الذي أشرف على وضع الدستور الكويتي في مؤلفه حول مجلس الدولة عام 1956، إنه «لكي يقضى بإلغاء قرار ما يجب أن يكون هذا القرار غير مشروع، فإلغاء القضائي على خلاف الإلغاء الإداري لا يلغى القرار بسب عدم الملائمة، بل لأسباب عدم المشروعية، وهي عدم الاختصاص، ويتعلق بمن اصدر القرار المطعون ويسمى بـ«مخالفة عضوية»، ويتصل هذا العيب بأحد أركان القرار الإداري، وهو ركن الاختصاص، والسبب الثاني هو عيب الإجراءات أو الشكل ويسمى بـ»مخالفة اجرائية او شكلية»، وتتصل بركن الشكل في القرار، بينما السبب الثالث مخالفة القانون، وذلك من حيث مضمون أي موضوع أو محل القرار أو من حيث أسبابه، وآخر سبب يؤدي إلى عدم المشروعية إساءة استعمال السلطة أو الانحراف فيها، بعد أن خالف القرار للقانون ويتعلق بالغرض، وهو ما يتصل بركن الغاية».

فيما اشترط المشرع الكويتي في المادة الرابعة من القانون رقم 61 لسنة 1982 بشأن تعديل أحكام الدائرة الإدارية لقبول الدعوى، أن يكون أن يكون الطعن على القرار مبنياً على أحد الاسباب التي تعيب القرار الإداري، حيث نصت «يشترط لقبول الطلبات المبينة بالبنود ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا من المادة الأولى أن يكون الطعن مبنيا على أحد الأسباب الآتية:

أ- عدم الاختصاص. ب- وجود عيب في الشكل. جـ- مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تأويلها أو تطبيقها. د- إساءة استعمال السلطة، ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح.

ومن ثم فإن وظيفة القاضي الإداري تكمن في فحص مشروعية القرارات الادارية فقط، وفق ما قد يعيب أحد أركان تلك القرارات الإدارية بأحد العيوب التي تصيبه، والأمر يستقيم بالنسبة للقرارات التي تنظرها المحاكم الإدارية، والتي صدرت بالسحب أو الإسقاط للجنسية من وزير الداخلية أو مجلس الوزراء، وذلك على النحو التالي:

أولا: حدد قانون الجنسية الكويتي ثلاث حالات لإسقاط الجنسية هي: الفقد والسحب والإسقاط، وتلك الحالات إما أن تكون بقرار من وزير الداخلية أو بمرسوم من مجلس الوزراء، ومن ثم فإنه يتعين أن تصدر تلك القرارات من قبل المختص بها، فالمواد التي حددت الحالات التي يتخذها الوزير لإصدار القرار لا يمكن الا لوزير الداخلية ذاته اتخاذها، ولا يمكن للوكيل أو لمدير إدارة أن يتخذها، وان كان لهم أن يعدوا الأوراق، ويجروا التحقيقات اللازمة التي قد يستند اليها القرار الذي سيصدره الوزير.

صورة ضوئية من حيثيات حكم المحكمة الإدارية والذي أيدت فيه قرار إسقاط الجنسية عن سليمان بوغيث وتم تأييده من «الاستئناف» بعد أن أكدت المحكمة اختصاص القضاء بنظر قرار الإسقاط

وهناك نصوص اخرى مثل المرتبطة بالإسقاط قصرت اتخاذها بقرار يصدر على شكل مرسوم يصدره مجلس الوزراء، ومن ثم فلا يمكن إلا أن يصدر الإسقاط إلا بهذا المرسوم، ولا يمكن للوزير أن ينفرد به احتراما لركن الاختصاص الذي استوجبه القانون في القرار الإداري الذي يصدر، وهو الأمر الذي يراقبه القاضي الإداري، ويتأكد من مشروعية ركن الاختصاص، وان من أصدر قرار الفقد أو السحب أو الإسقاط هو المختص به وفق ما حدده القانون.

ثانياً: حدد القانون شكلا وإجراء معينا تتخذ فيه قرارات السحب أو الإسقاط أو الفقد، وبالتالي يتعين على جهة الإدارة ان تلتزم بهذا الشكل الذي حدده القانون، فعلى سبيل المثال نصت أحكام المادة (21) و(21 أ مكرر) و(21 مكرر ب) على وجود شكل تتخذه إدارة الجنسية لاتخاذ قرارات قبل منح الجنسية، وهو ما ينطبق على سحبها أو إسقاطها كالأعمال التحضيرية التي تسبق القرار بإجراء التحقيقات من قبل اللجان، فإن صدرت القرارات كأن لم تجر الإدارة تحقيقات داخلية في الوقائع، ولم تراع الشكل الذي استلزمه القانون، فإن القاضي الإداري ينتهي الى الغاء تلك القرارات، أو انها لم تعرض على مجلس الوزراء بجلسة صحيحة، أو أن القرارات أو المراسيم لم تنشر في الجريدة الرسمية.

حالات محددة

ثالثاً: حدد قانون الجنسية بأحكام المواد 11 و13 و14 حالات فقد الجنسية أو سحبها أو إسقاطها، وحدد الحالات التي تجوز فيها اتخاذ تلك القرارات، فإن توافرت جاز لجهة الإدارة اتخاذ القرار بعد انطباق أي حالة من الحالات المحددة بتلك المواد، ومن ثم فإن القاضي الإداري يراقب محل القرار بحسب الحالات الواردة في تلك المواد، ومن ثم لا يمكن أن يصدر قرار تكون ديباجته وفقا لأحكام المادة 11 من قانون الجنسية، فيورد إحدى الحالات الواردة في المادة 13 أو العكس، لأنه لو صدر بذلك لخالف ركن المحل والسبب.

رابعاً: حدد القانون أيضاً في المواد 11 و13 و14 حالات فقد الجنسية أو سحبها أو إسقاطها، ومن ثم يتعين أن تنطبق فعلا تلك الحالات، حتى يكون قرار جهة الإدارة سليما ومتوافقا مع القانون، ولا يتضمن أي إساءة في استعمال السلطة، ومن ثم فإن دور القاضي الإداري أن يستوثق من تحقق تلك الحالات التي استند اليها القرار فعلا أو عدم تحققها، والتأكد من من خلو القرار من عيب اساءة استعمال السلطة.

وبعد بيان طبيعة عمل القاضي الإداري في التصدي للدعاوى الإدارية التي تعرض أمامه، فإنه يواجهها بعد قبولها من الناحية الشكلية، إما بتأييدها بعد أن انتهى من سلامة توافر كل أركان القرار الإداري وخلوه من أي عيوب بالاختصاص أو الشكل أو مخالفة القانون، أو إساءة استعمال السلطة، كما انتهت المحكمة الإدارية حتى الآن بدرجتي الكلية والاستئناف، على سبيل المثال، بتأييد قرار الحكومة بإسقاط الجنسبة الكويتية عن سليمان بوغيث إثر انضمامه وعمله ناطقا رسميا لتنظيم «القاعدة»، بعدما انتهت المحكمة من سلامة القرار الصادر وتوافر اركانه، ولم يكتب لمحكمة التمييز حتى الآن الفصل في موضوع الطعن.

وعلى العكس من تأييد القاضي للقرارات الإدارية فإنه يملك مواجهتها بالإلغاء، بعد أن يتأكد من توافر أحد العيوب بأركان القرار، كما أن للمحكمة التقرير بالتعويض عن خطأ الإدارة، وذلك بحسب ما تقرره أحكام المادة الخامسة من قانون إنشاء الدائرة الإدارية، التي تنص على أن «للدائرة الإدارية وحدها ولاية الحكم بإلغاء القرارات الإدارية المشار إليها في البنود: ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا من المادة الأولى، كما تكون لها وحدها ولاية الحكم في طلبات التعويض عن الأضرار الناشئة عن تلك القرارات، سواء رفعت إليها بطريقة أصلية أو تبعية»، وسبق للمحكمة الإدارية بدرجات التقاضي الثلاث أن انتهت مؤخرا إلى إلغاء قرار الحكومة بسحب الجنسية عن أحد المواطنين من الأسرة، بعدما ثبت نسبه إلى أبيه، بعدما تأكد القضاء من عدم سلامة القرار الإداري الصادر بالسحب.

أثر الدعوى الجزائية على الإدارية

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يستطيع مجلس الوزراء أو وزارة الداخلية اتخاذ قرار بسحب أو اسقاط الجنسية وفق الحالات المنصوص عليها في المادتين 13 و14 من قانون الجنسية اثر تحقق أي من الحالات المنصوص عليها مباشرة؟ أم ان الأمر يتطلب منهما إحالات المخالفات المثار وقوعها الى النيابة العامة، لاتخاذ شؤونها، والانتظار بما تسفر عنه مصير تلك القضايا الجزائية من براءة أو إدانة لتقرر على اثر ما تنتهي بموقفها اتخاذ قرارات السحب أو الإسقاط؟ والسؤال الأهم هل للدعوى الجزائية اثر في الحكم على الدعوى الإدارية أم لا؟

وللإجابة عن تلك التساؤلات المهمة يتعين الرجوع إلى أحكام المواد (21) و(21 مكرر أ) و(21 مكرر ب)، وللحالات الواردة في أحكام المواد 13 و14 من قانون الجنسية والتي يتبين منها ما يلي:

أولاً: إن المشرع الكويتي أعطى لجهة الإدارة ممثلة لوزارة الداخلية اتخاذ قرارات مباشرة بإسقاط أو سحب الجنسية، مادامت اتخذت قبل إجراءات التحقيق اللازمة لإثبات تحقق إحدى الحالات المنصوص عليها في المادتين 13 و14 من القانون، ومن ثم فإن المشرع لم يلزم جهة الإدارة إحالة ملف الدعوى إلى جهات التحقيق الجزائية ممثلة بالنيابة العامة لمساءلة مرتكبي الجرائم المنصوص عليها بقانون الجنسية من غش أو تزوير في الحصول عليها، وان من اقدم على الإحالة للنيابة جهة الإدارة، ومادامت سلكت هذا الطريق يتعين عليها أن تنتظر ما تنتهي اليه نتيجته، التي يتعامل بها القضاء الجزائي كتعامله مع أي قضية تستلزم تحقق ركنيها المادي المتمثل بالسلوك الإجرامي لواقعة التزوير، أو الركن المعنوي المتمثل بالقصد الجنائي بنية المتهم نحو ارتكاب واقعة التزوير.

ثانيا: ان اتخاذ أي قرار يستلزم إجراء أعمال تحضيرية من جهة الإدارة، لاسيما أن نص القانون عليها كما نصت أحكام المواد 21 و21، مكرر أ، و21 مكرر ب، وهي التي تقتضي إجراء تحقيق للتثبت والاستيثاق للتحقق من توافر إحدى الحالات المنصوص عليها في المادتين 13 و14 من قانون الجنسية، ومثل ذلك التحقق يستلزم وجود فريق قانوني متخصص يراعي التأكد من انطباق الحالات الواردة بأحكام قانون الجنسية مع الوقائع المنسوبة الى المشتبه فيهم بالمخالفة لأحكام المادتين 13 و14 من قانون الجنسية.

قضايا جزائية

ثالثا: إن إحالة ملفات القضايا الجزائية إلى النيابة العامة للتحقيق في الوقائع الجنائية المنسوبة الى المشتبه فيهم تتطلب من جهة الإدارة أن تمتنع عن اتخاذ اي قرار إداري على ذات المشتبه فيهم، إلا بعد انتهاء القضاء الجزائي، ويتعين على جهة الإدارة احترام حجية الحكم الجزائي الذي سيكون مؤثرا على قرارها الذي تنوي إصداره، أو بالدعوى الإدارية التي تنظر في أمر القرار الإداري، فيما لو انتهى القضاء الجنائي إلى براءة المشتبه فيه من واقعة التزوير وعدم سلامة الاتهام، ومن ثم سيتعين على القاضي الإداري الالتزام بنتيجة الحكم الجزائي، لكونه حسم في مسألة مشتركة بين الدعويين الجزائية والإدارية، وهو ما يتعين على الحكم الإداري احترام الحكم الجزائي فيما قضى فيه من براءة المتهم من الاتهام المنسوب اليه في ذات الواقعة، التي انتهت جهة الإدارة الى اتخاذ قرار السحب أو الإسقاط للجنسية فيها، احتراما لحجية الأحكام القضائية، ولمبدأ قوة الأمر المقضي للاحكام، التي توجب عدم تسلط قضاء على قضاء آخر.

رابعاً: إن الحكم الجنائي بإدانة المتهم بالوقائع المنسوبة اليه بالتزوير أو التدليس في الحصول على الجنسية يؤثر على الدعوى الإدارية، وذلك من خلال تأييد القضاء الإداري لقرار الإدارة بسحب الجنسية أو إسقاطها، ولكن عدم الفصل في الدعوى الجنائية قد يرتب التأخير في الفصل في الدعوى الإدارية، وفقاً لقاعدة أن القضايا الإدارية توقف إلى حين الفصل في الدعاوى الجزائية، طالما كانت بين ذات أطراف الخصومة، وانه كان يتوقف على الفصل بالدعوى الإدارية الفصل بالدعوى الجزائية.

خامساً: إن حكم محكمة الجنايات بسقوط الدعوى الجزائية بالتقادم لا يؤثر على الفصل في الدعوى الإدارية، ولا يرتب الحكم بها ذات أثر البراءة الذي يمنع المحكمة الإدارية من إعادة بحث ذات المسألة، ولا يحوز هذا الحكم الجزائي حجية في مواجهة الحكم الإداري، لعدم فصله في موضوع الدعوى الجزائية الذي هو محل القرار بالدعوى الإدارية.

ومن ثم فلا يعد حجة في مواجهة القاضي الإداري، خصوصا أن حكم سقوط الدعوى الجزائية بالتقادم لواقعة تزوير الجنسية أو التدليس مثلا هو حكم يقرره القضاء بمنع سماع الدعوى لفوات ميعاد الإدعاء فيها، ولا ينصرف اليه اثر البراءة، فالمحاكم الجزائية تملك وفقا للمادة 78 من قانون الجزاء بعد أن تقرر سقوط الدعوى بالتقادم مصادرة المستند المزور، وهو ما أقدمت عليه العديد من الدوائر الجزائية التي حكمت بسقوط الدعوى بالتقادم، وهو الأثر الذي لا يتحقق بالمصادرة، عندما تحكم المحاكم ببراءة المتهم من الاتهام المنسوب اليه من واقعة التزوير.

ومن ثم فإن مقولة تأثير أحكام المحاكم الجزائية، التي تنتهي الى منع سماع الدعوى لسقوط الادعاء بالتقادم وستؤدي الى شرعنة التزوير في قضايا الجنسية غير صحيحة، ولا تتفق مع الواقع والقانون، لأن القاضي الإداري لن يتأثر بسقوط الدعوى الجزائية بالتقادم، لأن المحكمة الجزائية لم تلج البحث في الموضوع الذي تشترك فيه الدعوى الجزائية مع الدعوى الإدارية، ومن ثم فلا يمنع المحكمة الإدارية من فحص القرار الإداري والتأكد من سلامته ومحله واسبابه وغايته، فإن انتهت الى سلامته قررت تأييد قرار السحب أو الإسقاط، وان انتهت إلى عدم مشروعيته فإنها لن تتوانى عن إلغائه لافتقاده أحد الأركان القانونية اللازم توافرها بالقرار الإداري.

جرائم تزوير الجنسية

وهناك قضايا أثيرت مؤخراً بسقوط قضايا تزوير الجنسية بالتقادم نتيجة صدور عدد من الأحكام القضائية، مما يعني إفلات المزورين من الجرائم المنسوبة اليهم من النيابة العامة لسقوطها بالتقادم، وهي قول يفتقد الحقيقة والواقع لعدم سلامته، ويظهر عدم اطلاع الغير عليه، وذلك على النحو التالي:

أولاً: إن كل المتهمين بجرائم تزوير الجنسية المحالين من النيابة الى محاكم الجنايات يشتركون في أربعة اتهامات رئيسية، الأولى هي الاتهام بجريمة تزوير الجنسية بأن أدلى المتهم على موظف الإدارة العامة للجنسية بيانات غير صحيحة، والثانية بأنه أدلى ببيانات كاذبة على موظف إدارة المواليد بأنه كويتي، واستخرج شهادة الميلاد، والثالثة انه أدلى ببيانات كاذبة على موظف هيئة المعلومات المدنية بأنه كويتي، واستخرج البطاقة المدنية، وقام بتجديد استخراجها.

بينما التهمة الأخيرة هي أنه استولى على مبالغ مالية، وهي رواتب لا تعطى إلا لكويتيين، بعد أن تم تعيينه في إحدى الوزارات، ولو فرضنا أن تلك الاتهامات صحت ولم تسقط بالتقادم فإن محاكم الجنايات ستعتبر جرائم التزوير الثلاث مشروعا إجراميا واحدا، وستقضي بعقوبة واحدة بحق مرتكبها.

وفيما يتعلق بواقعة الاستيلاء، فالمحاكم اختلفت ما بين تطبيق نظرية الأجر مقابل العمل، لأن هؤلاء الأشخاص حصلوا على مقابل نتيجة المبالغ التي حصلوا عليها، وما بين إدانة المحكومين ورد المبالغ.

ثانيا: ان المحاكم الجزائية لو قررت بالنسبة لوقائع التزوير المنسوبة الى المتهمين بسقوط الدعاوى الجزائية بتزوير الجنسية بالتقادم، وبسقوط تزوير شهادة الميلاد بالتقادم، فحكمها يكون بمصادرة المستند وفقاً لأحكام المادة 78 من قانون الجزاء، وهذا ثابت من الأحكام الجزائية التي صدرت، أي أن من قضي بحقهم بسقوط الدعوى بالتقادم قضي بمصادرة الجنسية عنهم.

ثالثا: لو سلمنا أن المحاكم الجزائية انتهت الى سقوط تهمتي تزوير الجنسية والميلاد بالتقادم، فإن المحاكم لا تقضي ببراءة المتهمين بواقعة تزوير البطاقة المدنية التي تجدد مباشرة كل فترة زمنية تقل عن 10 سنوات، ومن ثم تقع جريمة تزوير البطاقات المدنية اثر تجديدها باستمرار، وتأتي المحاكم وتدين المتهمين بها بالسجن لعقوبات تصل الى 7 سنوات، ومن ثم فإن سقوط إحدى التهم لن يؤثر على باقيها، كما أن اجتماع كل التهم لن يؤثر في مجموع العقوبات مادامت كانت ضمن مشروع إجرامي واحد.

رابعا: إن جريمة التزوير في محررات رسمية تعتبر من إحدى جرائم الفساد التي نص عليها قانون هيئة مكافحة الفساد رقم 2 لسنة 2016، والذي نص بحكم المادة 22 منه على أن «تعتبر جرائم فساد في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون الجرائم التالية: 1-..2-..3-..4- جرائم التزوير والتزييف المنصوص عليها في القانون رقم 16 لسنة 1960 باصدار قانون الجزاء»، كما نصت المادة 54 من ذات القانون «لا تسقط الدعوى الجزائية في جرائم الفساد المذكورة في المادة 22 من هذا القانون، كما لا تسقط العقوبة المحكوم بها في هذه الجرائم بمضي المدة»، ومن ثم فإن المشرع اعتبر ان التزوير في محررات رسمية من جرائم الفساد التي لا تسقط بالتقادم، كما أن النص عليها في قانون الجنسية من قبل المشرع بعدم سقوطها بالتقادم أيضا سيكون أمراً غير جديد لسابق النص على ذات النص في أحكام قانون هيئة مكافحة الفساد.

عبدالملك: قانون إنشاء «الإدارية» مخالف للدستور

يقول الخبير الدستوري، عميد كلية الحقوق السابق، المرحوم د. عثمان عبدالملك الصالح، في بحثه بعنوان «ضمانات حقوق الإنسان في الكويت بين النظرية والتطبيق»، المنشور في المجلة العربية للعلوم الإنسانية بعدد سبتمبر 1982، وفي بحثه المنشور في مجلة الحقوق في يونيو 1986 بعنوان التنظيم الدستوري للرقابة القضائية، إن «الدستور الكويتي وإن كان قد كفل للناس حق التقاضي بموجب المادة 166 منه، إلا أن التطبيق الفعلي للنظام قد نال من هذا الحق وضيق من نطاقه.

ويضيف أن القضاء الكويتي مقيد بنص المادة 2 من قانون تنظيم القضاء الذي يحرمه من ممارسة ولايته العامة، باعتباره قاضي المشروعية وحامي حقوق الأفراد وحرياتهم، ولا شك أن في هذا كله عيبا في التشريع الكويتي ونقصا يجب تداركه، مؤكدا أن المادة 2 من قانون تنظيم القضاء تتعارض مع أحكام المادة 166 من الدستور.

ويرى د. عثمان أن قانون انشاء الدائرة الإدارية الصادر عام 1986 غير دستوري، لأن المادة 169 من الدستور أكدت أن تكون للقضاء الإداري ولاية عامة تشمل كل المنازعات الإدارية على إطلاقها، ومن ثم فإن النصوص الواردة في قانون إنشاء الدائرة الإدارية يتعارض مع صريح المادة 169 من الدستور.

حق التقاضي

ويعرِّف د. عثمان عبدالملك حق التقاضي هو حق الشخص في أن تكون له وسيلة للطعن أمام محكمة قضائية إذا اعتدي على حقوقه وحرياته، سواء من الأفراد أو من السلطات العامة، ومقتضى ذلك التزام الدولة بن تنشئ طريق طعن جديا ضد كل حالات الإخلال بالحقوق والحريات المقررة للأفراد، وبأن يكون هذا الطعن مفتوحا ضد أعمال الأفراد، وضد أعمال السلطات العامة التي تقوم بها في مباشرتها، ولذلك يتعين على كل حكومة صالحة رشيدة تنشد الثبات والاستقرار أن تمكن الأفراد الى السعي الى اقتضاء حقوقهم على الوجه الأكمل، ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق تفهمها بأن حق التقاضي حق أصيل مستمد من الأصول الدستورية، ولا يجوز لأي سلطة أن تقيده، ويستوي في ذلك أن يكون القيد الوارد على هذا الحق كليا أو جزئيا.

«التمييز»: مصادرة المضبوطات وجوبية

قالت محكمة التمييز في الطعن رقم 722/2010 جزائي، جلسة 14/6/2011 إن المصادرة الوجوبية هي تدبير وقائي لا مفر منه، مضيفة أن إغفال الحكم المطعون فيه القضاء بالمصادرة الوجوبية، إعمالا للمادة 78 من قانون الجزاء بما يقتضيه النظام العام، حتى ولو كان بالبراءة، يوجب تمييزه والقضاء بالمصادرة.

السنهوري: تقوية السلطة القضائية

يرى الخبير الدستوري د. عبدالرزاق السنهوري في بحثه بشأن مخالفة التشريع للدستور المنشور في أول عدد لمجلة مجلس الدولة أن كل «ديمقراطية ناشئة لم تنضج فيها المبادئ الديمقراطية، ولم تستقر هذه المبادئ عندها في ضمير الأمة تكون السلطة التنفيذية فيها أقوى السلطات جميعا تتغول السلطة التشريعية، وتسيطر عليها وتتحيف السلطة القضائية وتنتقص من استقلالها والدواء الناجع لهذه الحال هو العمل على تقوية السلطة القضائية، فهي أدنى السلطات الثلاث الى الإصلاح، إذ القضاة نخبة من رجال الأمة أشربت نفوسهم احترام القانون وانغرس في قلوبهم حب العدل، وهم بطبيعة وظيفتهم يؤمنون بمبدأ المشروعية، ولا يقدر لهذا المبدأ قيام واستقرار إذا لم يوجد الى جانبه قضاء حر مستقل يحميه من الاعتداء ويدفع عنه الطغيان».

عثمان خليل: إسقاط الجنسية عن وطني ليس من أعمال السيادة

يقول الخبير الدستوري الذي أشرف على إعداد الدستور الكويتي، د. عثمان خليل عثمان، في مؤلفه «مجلس الدولة» إن إسقاط الجنسية عن وطني لا يعتبر عمل سيادة، وقد قضتْ بذلك في مصر، قبل إنشاء مجلس الدولة، محكمةُ الاستئناف، بتاريخ 27 يناير 1946، فقررت أن «إسقاط الجنسية اذا كان لغير المصلحة العامة او حصل تعسف، مما يمكن اعتباره إساءة لاستعمال الحق الداخل تحت مراقبة القضاء، يجب النظر في التعويض المطلوب بشأنه»، وقد سبق أن عرفنا ان محكمة القضاء الاداري المصرية قد قضت بأن قرار إبعاد المصري عمل إداري، ولذا قضت بإلغائه بحكم 27/1/1947.

ويضيف عثمان أن ذلك الحكم القضائي الصادر تضمن أيضا فكرة ان اعمال السيادة لم يعرفها القانون، فأمرها متروك تقديره للقضاء» ولكن حاولت المحكمة بيان هذه الأعمال تمثيلا بعد ذلك، فقالت إنها «تشمل تلك الأعمال التي خولها النظام الاساسي والقوانين للدولة، مما يتعلق بعمل الحكومة بصفتها صاحبة السيادة والسلطان في الخارج والداخل، فيدخل فيها علاقاتها السياسية وما يمت إلى أمن الحكومة والأعمال الحربية والأحكام العسكرية، الى غير ذلك مما يستلزمه سلطان سيادة الدولة، ولا يدخل فيها أعمال السلطة العامة التي تتخذها الادارة لتنفيذ القوانين، فهذه من اعمال الادارة العامة التي يكون للمحاكم النظر في التعويض عنها، اذا ما حصلت مخالفة للقوانين واللوائح، بخلاف ما يدخل ضمن نظام النوع الأول فإنه خارج عن تقدير القضاء، ولو كان مخالفا للقانون».

تقادم الدعاوى الجزائية ينطبق بأثر رجعي

أكدت «التمييز» في الطعن رقم 336/2012 جزائي 21/7/2013 أن التقادم لا يشمل الجرائم التي لم تكتشف، إذ إن تقادم الدعوى له طبيعة إجرائية تتعلق بالنظام العام، وعلة ذلك: تستهدف المصلحة العامة لا مصلحة شخصية. أثر ذلك: تستوجب إعمال احكامها بأثر فوري من يوم نفاذها على الجرائم السابقة على تاريخ صدورها، وإن كان في ذلك تسويء لمركز المتهم، ما دام لم يصدر في الدعوى حكم نهائي لا مجال لإعمال قواعد القانون الأصلح. وعلة ذلك أن المادة 15 من قانون الجزاء لا تسري الا بالنسبة للمسائل الموضوعية دون الإجراءات، لأنها لا تمس الا النصوص التي تتصل بالجريمة وتقرير العقاب او تعديله. مؤدى ذلك: القانون الواجب التطبيق على التقادم. وهو القانون المعمول به وقت اكتمال مدة التقادم.




تفاصيل الخبر من المصدر ( الجريدة)

نظام الارشفة الالكترونية