حرب الشوارع

نظام الارشفة الالكترونية

قدّم تلفزيون الكويت في التسعينات برنامجًا توعويًا أسماه «حرب الشوارع»، وقد كان هدف هذا البرنامج أن يسلط الضوء على ما يجري في شوارع الكويت من سلوكيات سلبية لبعض قائدي المركبات التي تتسبب في الكثير من الحوادث والوفيات، كما هدف أيضًا إلى إبراز نتائج هذه السلوكيات المقيتة من خلال تقديم مشاهد محزنة لبعض الحوادث ومآلاتها. وشوارع الكويت اليوم وكأنها في حرب بين قائدي المركبات، دافعها المصلحة الشخصية لقائدي بعض المركبات والنزعة المتسلطة لشخصياتهم، وحبهم لنشر ثقافة الاعتداء والاستعلاء والحرية الشخصية غير المنضبطة.
لقد أبدعت الإدارة العامة للمرور بعباراتها التوعوية لقائدي المركبات والمنتشرة حول الكويت، وأنا أعتبر أجملها وأكثرها أثرًا، إذا فهمت من قرائها، عبارة «القيادة، فن وذوق وأخلاق»، إنها جملة تضم أهم ما يفتقده بعض قائدي المركبات.
أين الفن ممن يكون باستطاعته إفساح الطريق للسيارات الأخرى حتى لا يتسبب في اختناق الطريق بلا سبب، أين الفن ممن لا يحترم الأولوية المرورية للسيارات والمشاة، أين الفن ممن يستطيع أن يسهم في التخفيف من اختناقات الشوارع ولا يقوم بذلك؟!
أين الذوق فيمن لا يعطي المشاة حقوقهم في عبور آمن للطريق؟ أين الذوق ممن يرى أن الازدحام قد وصل أوجه وهو يصمم أن يزيد هذا الازدحام ويدخل في منتصف الطريق لتغلق الإشارة عليه ثم يعطل مرور السيارات المقبلة من الجهات الأخرى بسببه زمنًا طويلاً بسبب تصرفه؟ أين الذوق ممن يضع إشارة داخل سيارته ويقول «انتبه يوجد طفل في السيارة» ونجده هو يزاحم السيارات الأخرى ويتسبب بإزعاجها؟! فعلاً يوجد في السيارة طفل وهو قائد هذه المركبة.
أين الأخلاق من هؤلاء الذين يضايقون الناس في الصباح الباكر ويعرضون حياتهم للخطر وهم مسرعون في أوقات الازدحام بسبب فوضويتهم ليلحقوا بسجل الدوام أو البصمة؟! أين الأخلاق ممن يزعج الآخرين ويلصق سيارته بسيارة من أمامه ليجبره على أن يزاح عن طريقه ويعرض سيارته أو حياته لخطر الحوادث المرورية؟! أين الأخلاق ممن يخرج من شارع فرعي ليقتحم السيارات في الشارع الرئيسي وهو منشغل بهاتفه ويهون عليه أن يعرض حياة الآخرين للخطر؟! أين الأخلاق من الطبيب والمحامي والأستاذ الذين لا يتوانون عن الإضرار بقائدي المركبات الأخرى من أجل أن يلحقوا بدوامهم؟! أين الأخلاق فيمن يغفر لنفسه أخطاء قيادته، ويريد أن يعاقب الآخرين على الأخطاء نفسها ويصنفهم ضمن الأغبياء أو المتخلفين أو يتلفظ في وجوههم بكلمات نابية أو يشير لهم بحركات بذيئة؟!.
أتوجه إلى شركات التأمين بالطلب منها تطبيق نظام النقاط على قائدي المركبات ممن يتسببون بالحوادث لتزيد من القسط التأميني عليهم، حتى يأتي يوم لا يجدون من هو مستعد لتأمين مركبة أمثالهم، وأتوجه بالتحية إلى الإدارة العامة للمرور، وأتمنى عليهم أن يطبقوا القانون بحزم وعقلانية ويزينوا ملفات قائدي المركبات المستهترين بالنقاط الحمراء على المخالفات التي يرتكبها قائدو المركبات المستهترون، عساها تلفت أبصارهم إلى أفعالهم المشينة.

محمد هشام حتاحت

المصدر من القبس

نظام الارشفة الالكترونية