مخاطر جمة عندما تتحوّل وسائل الإعلام.. إلى محاكم

نظام الارشفة الالكترونية

عاشت فرنسا خلال الأسابيع الماضية أحداثاً، تحولت خلالها صحف ومجلات إلى محاكم إعلامية «أنهت» حياة البعض، فيما يقاوم البعض الآخر لإثبات براءته، مما دفع قضاة ومحامين الى التساؤل عن حدود الإعلام ومخاطر الحملات التي يقودها، بالنظر إلى الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الضحايا في النهاية.
من بين أبرز هذه الأحداث الحملة التي شنتها وسائل إعلام ضد الشابة السورية منال، التي فضلت الانسحاب من النسخة الفرنسية من برنامج «ذا فويس»، بسبب انتقادات وجهت لها لتأييدها الفلسطينيين، ومزاعم بأنها اتهمت الحكومة الفرنسية بالإرهاب في تغريدات سابقة. وهناك أيضا الحملة الإعلامية التي استهدفت الداعية الإسلامي طارق رمضان، المتهم بقضايا اغتصاب، رغم ان القضاء لم يفصل بعد في شكوى رفعتها ضده الكاتبة هند عياري، علاوة على التحقيق الذي نشرته مجلة «إيبدو»، واتهمت خلاله وزير البيئة والتضامن نيكولا هولو بالاعتداء الجنسي على سيدة، رغم أن القضاء أغلق الملف لعدم وجود أدلة وفق تصريح الوزير، الذي اكد ان رجال الدرك استمعوا اليه، ولم يجدوا شيئا ضده، لكن النشر أضر بسمعته كثيرا.
وقال المحامي باتريك ميزونوف، لمجلة «لونوفويل اوبسارفاتور»، إن الاصعب في كل هذا، هو تلك الهالة الاعلامية التي تحيط بالإشاعات. وأضاف «نقول دوما ان لا دخان من دون نار، لكن في كثير من الاحيان تؤدي نيران خامدة الى ظهور دخان كثيف يخنق الانفاس كلها».
ومن جهته، قال القاضي باسكال غاستينو، الذي يرأس الجمعية الفرنسية، لقضاة التحقيق «إن الأمر لا يتعلق بقضايا منظورة أمام القضاء، ولكن بتصريحات تنقلها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي».
ويضيف: «هناك فرق كبير، فالصحافة لا تصدر أوامر مثل قاضي التحقيق، ولا تملك سلطة، ولا صفة لفعل ذلك».
وينصح المحامي جان إيف مويار، الذي يدافع عن حالات كثيرة عانت من حملات اعلامية، بالتوجه فورا الى القضاء. ويقول: «المسار صعب جدا، لكن القضاء هو الجهة الوحيدة التي تسمح لنا بالوصول الى الحقيقة».
واما المحامي فرانسيس سبينر فيلخض العذابات والآلام التي تسببها «المحاكم الإعلامية» في قوله: «حين يوجه لك القضاء تهمة، لدينا قانون الجزاء لنحتكم إليه، ولكن حين يتعلق الأمر بوسائل الإعلام أو الإشاعات العامة، فليس أمامنا أي قواعد أو قوانين تحكمنا بسبب تلك القناعة، التي ترتسم في ذهن المتلقي بشكل سريع».
ويدافع فرنسيس سبينر منذ فترة عن أفراد جرى استهدافهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو الصحف، ويقول: ان الخسائر التي تترتب على تغريدة أو مقال صحفي لا تعد ولا تحصى، بينما يظل مسار العدالة طويلا، وبسبب الإجراءات تستمر الجروح مفتوحة بسبب الإعلام والإشاعات، ولا يُنطق أحياناً لا بالبراءة ولا بالإدانة، فيبقى المستهدف مداناً طول العمر.

المصدر من القبس

نظام الارشفة الالكترونية