البحرين: وزير العمل يكشف طريقة احتساب معدلات البطالة .. وكيف يتم تسجيل الباحثين عن العمل؟

نظام الارشفة الالكترونية


يُلاقي تعريف وتحديد مصطلح «العاطل عن العمل أو معدلات البطالة» وكيفية حسابها في مجتمعنا وفي مختلف المجتمعات، جدلاً واجتهادات متعددة، بين رفع هذه النسبة أو خفضها، ما تتأكد معه الحاجة الماسة إلى الوقوف على التعريف الواضح والحاسم والمعتمد للمصطلح والمعايير والاشتراطات الدولية والتشريعية والمحلية اللازمة لإزالة الخلاف وضبط المفاهيم والأسس بدقة ومصداقية، حسمًا لأي جدل يثار حولها وصولاً الى صياغة خطط وبرامج العمل الهادفة إلى معالجة البطالة وخفض معدلاتها بناءً على أسس صحيحة وواقعية.
تحديد معنى «العاطل عن العمل»

يُعد مصطلح «العاطل عن العمل» من المصطلحات المهمة الذي جرى تعريفه وتقييده على أيدي خبراء وقانونيين ومتخصصين دوليين في مجالات العمل، لتحديد من هو العاطل عن العمل، وقد تبنت منظمة العمل الدولية تعريفًا جامعًا مانعًا لأي التباس، بموجبه تندرج الحالة ضمن قوائم العاطلين. فليس كل من لا يتوظف يُعد عاطلاً عن العمل حسب التعريف الخاص بالعاطل، فثمّة شروط وضوابط حددت المعنى كي لا يكون ضبابيًا، فما هو المعنى الذي أسبغته عليه المرجعية العمّالية المتمثلة في منظمة العمل الدولية؟

لقد حددت منظمة العمل الدولية تعريف العاطل عن العمل، وهو «كل شخص لا يعمل وقادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه بجدية، ولا يمارس أي نشاط مهني أو تجاري»، وعلى هذا الأساس فقد تمسكت الدول المنضوية تحت منظمة العمل الدولية بهذا التعريف كونه يحدد العاطل الفعلي عن العمل، ولا يمكن للدول التي تسعى للتنمية المستدامة أن تجعل هذا المصطلح عائمًا أو فضفاضًا، فنرى أول لبنات محاربة البطالة هو المبادرة الى قوننة وشرعنة المعنى الحقيقي للعاطل عن العمل، ليكون موضع التركيز والهدف في الحل والمعالجة.
وقد صدر المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 2006 بشأن قانون التأمين ضد التعطل -الذي يُعد من القوانين المتطورة والمتواكبة مع معايير العمل الدولية-، إذ تم من خلاله تعريف من هو العاطل عن العمل، وهو ما أشارت إليه المادتان (10) و(17) من الفصل الثالث والرابع من القانون، ومنها أن يكون قادرًا وراغبًا في العمل، وألا يكون طالبًا ولا متقاعدًا وألا يزاول عملاً تجاريًا أو مهنيًا لحسابه الخاص، ويبحث بجدية عن العمل، وذلك وفقًا للأوضاع والضوابط المقررة، كما أن عليه الالتحاق بالتدريب المقرر وينتظم فيه ويجتازه بنجاح.

] كيف يتم تسجيل الباحثين عن عمل وقياس جديتهم؟
عمليًا في مراكز التوظيف في محافظات المملكة المرتبطة إلكترونيًا بقاعدة بيانات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، عند تسجيل الباحثين عن عمل، والدخول إلى قاعدة المعلومات الخاصة بالحكومة الإلكترونية، والتأكد من أن المتقدم يقع ضمن السن القانوني للعمل، ولا يعمل أو يمتلك سجلاً تجاريًا، وليس طالبًا، وبعد تقديم الأوراق الثبوتية وثبوت استيفائه للشروط المقررة، يتم تسجيل المتقدم باحثًا عن عمل لدى الوزارة، ويستفيد من ثلاث خدمات أو امتيازات، وهي كما يلي:

إعانة وتعويض التعطل:
يحصل الباحث عن عمل لأول مرة بعد تسجيله باحثًا عن عمل على إعانة التعطل، وهو عبارة عن مبلغ مالي يمنح شهريًا، بمقدار 150 دينارًا للجامعي، و120 دينارًا لغير الجامعي، أما بالنسبة لمن سبق له العمل وفُصل من عمله، فإنه فور تسجيله باحثًا عن عمل، فإنه يحصل على تعويض التعطل، وهو مبلغ مالي يمنح شهريًا للمستحق بمقدار 60% من راتبه، ويستمر صرف الإعانة والتعويض في حال استمر الباحث عن عمل بالمراجعة الدورية للوزارة أو مراكز التوظيف التابعة لها، إضافة إلى باقي شروط الاستحقاق.

تدريب وتأهيل الباحث عن عمل مجانًا:
من المزايا التي تتوافر للباحث عن عمل فور تسجيله هي التدريب والتأهيل المجاني، إذ تعرض وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع صندوق العمل (تمكين) ما لا يقل عن 500 برنامج تدريبي مهاري واحترافي للباحثين عن عمل من الجنسين، لمختلف المستويات التعليمية، كما تقوم بإرشادهم وتوجيههم إلى أفضل البرامج التدريبية التي تتناسب مع مؤهلات وميول الباحث عن عمل، وكذلك لسد الفجوة المهارية بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل الفعلية من الأيدي العاملة المؤهلة، وعليه فسوف يكون الباحث عن عمل ملزمًا بالتقيّد بإكمال البرنامج التدريبي الذي اختاره بإرادته لتحسين مهاراته المهنية، ويستمر صرف إعانة أو تعويض التعطل في أثناء فترة التدريب، وفق شروط وأحكام القانون.

عرض فرص التوظيف:
ومن المزايا التي يحصل عليها الباحث عن عمل فور تسجيله، قيام مرشد التوظيف بتنظيم مواعيد المقابلات واستدعاء الباحث عن عمل، وعرض الوظائف المناسبة له التي تنتج من النظام الإلكتروني للتوظيف بعد مطابقة مؤهلات الباحث عن عمل وبياناته مع الشواغر المتوافرة في بنك الشواغر بالوزارة، ويتم في الزيارة الأولى عرض أكثر من وظيفة مناسبة على الباحث عن عمل قد تصل إلى 5 وظائف، وفي حال رفض الوظائف المعروضة في الزيارة الأولى يُستدعى للزيارة الثانية لعرض العديد من فرص العمل المناسبة عليه، وفي حال رفض فرص العمل المناسبة في الزيارة الثانية بسبب رغبته بالعمل حصرًا بالقطاع العام أو لأي سبب آخر غير مقنع، يُغلق ملف الباحث عن عمل لعدم جديته، وبإمكانه التظلم لدى لجنة متخصّصة للتظلمات إذا شعر الباحث عن عمل أن فرص العمل التي عُرضت عليه لا تناسبه ولديه مبررات مقنعة، لذلك في حال قبول التظلم يُعاد عرض فرص العمل المناسبة له وترشيحه لمقابلات التوظيف كما جرى في المرة الأولى. ووفق هذا النظام، فإن من يُنهي المدة المقررة لصرف إعانة أو تعويض التعطل، ولم يتم توظيفه بعد، لا يتم استبعاده من قائمة العاطلين عن العمل، إذ يظل مدرجًا «رقمًا» عند حساب مؤشرات البطالة، ولا تتوقف خدمات الوزارة في التوظيف والتدريب حتى إن أصبح غير مستحق للإعانة أو تعويض التعطل لأي سبب من الأسباب.

ولهذا، فإن من لا يقوم بالتسجيل باحثًا عن عمل لدى الوزارة ويتخلى عن الامتيازات المذكورة (المالية والتدريبية وعرض فرص العمل) التي تقدمها الوزارة للباحثين عن عمل فإنه لا يحتسب ضمن قوائم العاطلين أو في حساب نسب البطالة، وذلك وفق قانون التأمين ضد التعطل أو حتى وفق المعايير الدولية، إذ لا يمكن قياس مدى جديته، علمًا بأن غالبية أصحاب العمل يشترطون أن يكون الباحث عن عمل مسجلاً لدى الوزارة ليتسنى لهم الحصول على الامتيازات التي تقدمها الوزارة، مثل دعم وتحسين الأجور والتدريب وغيرها.

دور سياسات الدولة النشطة في جذب الاستثمارات وخلق الفرص:
ومن أبرز الأمور الحيوية والفاعلة في إنجاح برامج التوظيف وخفض معدلات البطالة، هي سياسات جذب الاستثمارات والشركات العالمية وخلق المزيد من فرص العمل وجعل البحرين مركزًا لأعمالها في المنطقة، وهي السياسات التي تحقق بها البحرين منجزات وقصص نجاح مشهودة، ولا يمكن التغافل عن دورها وفعاليتها في دعم جهود التوظيف المستمرة، وهي منجزات تحظى برعاية كريمة من قبل الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء الموقر، ومتابعة حثيثة وشخصية من قبل صاحب السمو الملكي ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الموقر.

مرجعية قانون التأمين ضد التعطل

في تحديد جدية الباحث عن العمل:
لقد جاء تعريف الباحثين عن عمل في قانون التأمين ضد التعطل مطابقًا لمعايير العمل الدولية، ومنذ صدوره ومملكة البحرين تعمل وفق مقتضاه، إذ يتم حساب نسبة البطالة على أساس عدد العاطلين المستوفين للشروط ومن ضمنهم المستحقين للإعانة وتعويض التعطل، ومن ثم فقد أضحى قانون التأمين ضد التعطل مرجعية أساسية في تعريف الباحث عن عمل الذي يدرج في قوائم العاطلين، إذ يشكل هذا القانون وغيره من القرارات الوزارية المنظمة للبنية التحتية التشريعية التي من خلالها تم التأسيس الحقيقي لقاعدة بيانات متكاملة وذات مصداقية، خاصة القرار الوزاري رقم (15) لسنة 2007 بشأن الأوضاع والضوابط الخاصة بجدية البحث عن عمل لاستحقاق الباحث عن عمل للإعانة أو تعويض التعطل، وأهم تلك الضوابط هي عدم رفض فرص العمل المناسبة والالتزام بمراجعة مكاتب التوظيف وعدم رفض التدريب المقرر، مع تزويد العاطل بمبادئ وأخلاقيات العمل، كالحرص على المظهر اللائق في مقابلات العمل وإعداد السيرة الذاتية وغيرها من ضوابط إثبات الجدية.

كيفية حساب نسبة البطالة:
وللوقوف على معدلات البطالة وفقًا لما تقدم ذكره من معايير وضوابط تنظيمية، وبالنظر إلى أن إجمالي القوى العاملة الوطنية يبلغ 188724 مواطنًا بحسب هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية (وهو حاصل جمع إجمالي عدد العاملين البحرينيين المؤمن عليهم بحسب بيانات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، إضافة إلى باقي العاملين غير المؤمن عليهم من العاملين لحسابهم الخاص، مثل سائقي الأجرة والباصات ومدربي السياقة وأصحاب رخص الصيد وغيرهم، وكذلك أصحاب الوحدات المشتغلين لحسابهم الخاص مثل المحامين والأطباء وغيرهم بحسب هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية)، وإذا أضيف إليه عدد معدل العاطلين الشهري خلال العام 2018 البالغ 8399 باحثًا عن عمل، فيصبح إجمالي القوى العمالة الوطنية هو 197123 مواطنًا.

وبعملية حسابية بسيطة يتم حساب نسبة البطالة عبر قسمة عدد الباحثين عن عمل وهو 8399، على إجمالي عدد القوى العاملة الوطنية وهو 197123 مواطنًا، فيصبح ناتج القسمة هو نسبة البطالة 4.3% للعام 2018 (197123÷8399=4.3%).

] هل يمكن أن يكون معدل البطالة صفرًا؟
هذه من الأسئلة الشائعة الخاطئة التي تتردد لدى الكثيرين، فلا يمكن لأي بلد مهما بلغت مستويات التنمية لديه، سواء في الدول المتقدمة أو النامية، أن يقوم بتصفير نسبة البطالة، لأن انخفاض مستوى البطالة الى نسبة 0%، يعني أن هذا البلد ليس لديه مخرجات تعليم وتدريب تتدفق إلى سوق العمل باستمرار وتنتظر الالتحاق بسوق العمل، وليس لديه من ترك أو فصل من عمله أو يبحث عن فرص عمل أفضل، ما يعني عمليًا عدم وجود سوق عمل حقيقي يخضع لنظام العرض والطلب، إذ لا بد أن يتمتع سوق العمل بالحركة المستمرة في دخول وخروج وتدوير العمالة، ومن الطبيعي للعمّال ترك الوظيفة للانتقال إلى وظيفة بمميزات أعلى، ولا يمكن للاستثمار أن ينمو من دون توافر أيدي عاملة تبحث عن عمل، فوجود نسبة بطالة هي مؤشر على ديناميكية وتطور سوق العمل في أي بلد.

وعليه، فإن جميع جهود الحكومات في العالم هدفها ليس تصفير البطالة وإنما الحفاظ على نسبتها في الحدود الدنيا، الآمنة والمستقرة، وهي تعد حالة صحية وطبيعية وتعكس قوة وتماسك سوق العمل وقدرته وجاهزيته على استقبال الخريجين الجدد، أو خروج آخرين منه لأي سبب من الأسباب ضمن الدورة الطبيعية لسوق العمل.

] لماذا تختلف نتائج المسوحات والاستبانات في تحديد معدلات البطالة؟
إن المسوحات والاستبانات التي تقوم بها بعض مؤسسات المجتمع المدني، تستهدف عينات وأعدادًا محدودة، كما أن هذه المؤسسات تحتكم إلى المعلومة الشفهية والإدلاء المباشر من الأفراد في المجتمع دون التحقق من مصداقيتها وفق أسس وضوابط معتمدة، كتلك التي بيّناها هنا، لذلك قد توفر نتائج المسح مؤشرات مفيدة ولكن قد لا تكون دقيقة بالقدر الكافي، بعكس الاعتماد على الضوابط والمعايير المقررة بالتشريعات والاعتماد على قاعدة بيانات دقيقة وموثقة مرتبطة بالأجهزة الحكومية المعنية.

البحرين.. استكمال منظومة متكاملة لرصد مؤشرات السوق:
إن ملف البطالة يُعد من الملفات التي تحظى بأولوية في برنامج عمل الحكومة؛ وذلك لما للبطالة من تأثير سلبي على الاستقرار والأمن الاجتماعيين، ولهذا فإن البحرين من الدول العربية الرائدة التي تمتلك منظومة متكاملة هيكليًا وتشريعيًا لرصد مؤشرات سوق العمل، وفي مقدمة ذلك حركة التوظيف والعاطلين عن العمل وأعدادهم ومؤهلاتهم، إذ إن هذه المؤشرات تعكس الواقع الحقيقي لسوق العمل بعيدًا عن التعريفات المجتزئة، وعلى هذا الأساس فإن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تصدر نشرات فصلية متكاملة توضح فيها مؤشرات سوق العمل وتحدد أعداد الداخلين الى سوق العمل والمتوظفين، بكل شفافية، كما أن لديها منظومة متكاملة لقواعد البيانات والمرتبطة بباقي أجهزة الدولة المعنية، من خلالها يتم تحديد من ينطبق عليه مصطلح باحث عن عمل ويُدرج في قوائم العاطلين عن العمل.

إن نظام التأمين ضد التعطل المعمول به في مملكة البحرين يحظى بإعجاب المنظمات المتخصصة والعديد من دول العالم، خاصة أن النظام به العديد من المزايا للباحث عن العمل، في مقدمتها صرف إعانة وتعويض التعطل، وحصوله عل دورات تدريبية متخصصة مجانية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، إضافة إلى عرض الوظائف المتوافرة المناسبة على العاطل على العمل، مستفيدًا مما يضمّه بنك الشواغر بالوزارة من فرص وإمكانات.

المشروع الإصلاحي ومعالجة ملف البطالة:
من هذا المنطلق، ومع إشراقة المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وفي إطار إصلاح سوق العمل، فقد تبنت مملكة البحرين برنامجًا متكاملاً لمعالجة البطالة التي بلغت في العام 2005 نحو 16%، بغرض تجفيف منابع البطالة ومسبباتها، واستقرت نسبة البطالة في الحدود الآمنة وهي 4% خلال السنوات العشر الماضية، وستواصل الوزارة إطلاق المبادرات المختلفة في سبيل تسريع عملية إدماج المواطنين في القطاع الخاص، في ظل الزيادة السنوية للخريجين الجدد من مختلف المؤسسات التعليمية والتدريبية.

* وزير العمل والتنمية الاجتماعية

المحامي

تاريخ النشر: 2019-02-03 11:47:07

الناشر/الكاتب:

alayam.com – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية