الدم المستباح.. كيف حصل “التطبيع” مع جرائم القتل في المغرب!؟ – اليوم 24

نظام الارشفة الالكترونية


إن المتأمل في بشاعة الجرائم، التي استهدفت مواطنين، شرق الوطن، وغربه، بل في شماله، وجنوبه، سيقف على متغيِّر أساسي، يتعلق بأشكال التعاطي مع جرائم الدم، في سياق “توليفة” خاصة، تؤسس لعلاقة الانتماء بين فعل الذبح، والمواطن، بالنظر إلى التطبيع الحاصل بينهما، ويزداد التطبيع قوة في زمن الصورة، حيث يوفر العالم الرقمي إمكانية تجاوز “دهشة” الدم.

كيف إذن طبّع المغاربة مع “الدم المستباح”؟! وما هي أسباب الانحراف، التي تقود إلى ارتكاب الجرائم البشعة؟!

جرائم الذبح.. ” تفنُّن” في إزهاق الأرواح!

يتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في كل مرة، مقاطع “فيديو” مصورة، توثق لجرائم قتل بشعة، ارتكبها جانحون، لا علاقة إيديولوجية تجمعهم، ولا انتماء فكري يوحدهم؛ بالنظر إلى اختلاف مواقعهم، وظروف ارتكابهم الجرائم، إذ الشيء الوحيد الذي يتقاسمونه هو فعل القتل، والسعي إلى قطع الرؤوس، إشباعا لسلوك انتقامي متطرف.

فواجع كثيرة عاشها المغاربة، خلال النصف الثاني من العام الماضي؛ ذبح، وقطع رؤوس، ورصاص يخترق الأحشاء، وقطع أنف.. كلها جرائم تفنَّن في ارتكابها مجرمون، والأخطر أنها كذَّبت ارتباط  الجريمة بالمنحرفين، حيث شروط كثيرة تغذي فعل الذبح،  تماماً كما حصل في جريمة واد إفران نواحي أزرو، وجريمة مقهى تالسينت، وقبلهما جريمة “شمهروش” المروعة.

الدم.. كان مقدسا!

في كل الحضارات، والشعوب، شكَّل الدم عنصرا رئيسيا في العلاقات الاجتماعية، واستباحته كانت بمثابة عار، وذلك ما يفسر حضور الدم، ومعه ” اللون الأحمر”، في طقوس، ومعتقدات، تعبيرا عن قدسيته، وضرورة حمايته.

وارتباط الدم بالمقدس، لا يزال متمكِّنا في شعور المغاربة، خصوصا داخل البنية المحافظة، حيث يعكس الدم شرف الانتساب، ورمز العفة، وشعار الشرف، بل إن الفرد قد يموت دفاعا عن “الدم”؛ يستبيح دم غيره دفاعا عن دم انتسابه!

الفواجع تتحول إلى فرجة في مجتمع مختل.. هكذا نطق ” أبكم” الشكدالي!

التطبيع مع جرائم القتل، واستباحة الدم، في زمن الصورة، حوَّل فعل الجريمة إلى ما يشبه فرجة.

في هذا السياق، كتب مصطفى الشكدالي، الأستاذ الباحث في علم النفس الاجتماعي، في إطار تفاعله مع ما يجري في المجتمع، منتقدا الاختلالات التي يشهدها المجتمع، حيث أكد في تدوينة عبر صفحته في “فايسبوك” أنه “في المجتمع المختل تتحول الفواجع إلى فرجة”، في إشارة إلى مختلف أشكال الفضائح، والجرائم، التي يتحلَّق حولها ما يصفه بـ”الذباب الإلكتروني”.

السوسيولوجيا.. العطري: نمضغ العنب المحصرم!

قبل أسابيع، خرج عبد الرحيم العطري، أستاذ علم الاجتماع، بتدوينه، شخص من خلالها سلوكات اليافعين، بعد انحراف عدد من المتعلمين، تزامناً مع الاحتجاجات ضد “الساعة”، التي خرجت من نطاق السلمية إلى العنف، موضحا “إننا في النهاية نمضغ العنب المحصرم، ونظفر بحصاد الهشيم؛ ما زرعناه عن طريق “رشيد شو”، و”ساعة في الجحيم”، و”مورنينغ مومو”، و”أخطر المجرمين”.. ها نحن نتذوق علقمه..”.

وأضاف العطري: “ما زرعناه بقتل السياسي، وتحوير الجمعوي، وتبخيس النقابي، نحصده فراغا، وعجزا في تصريف آليات الوساطة”، منبها إلى أنه “كتبنا احتمالات اليوم، والغد منذ زمن بعيد، فلا داعي للاستيراد، ولا داعي للامتعاض”.



المحامي

2019-01-07 10:30:44 – تاريخ النشر

– اليوم 24 – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية