X

السعودية : عام / إقامة صلاة عيد الفطر في المسجد الحرام والمسجد النبوي وفقاً للأعداد والضوابط المتبعة والاحترازات الصحية اللازمة إضافة أولى وكالة الأنباء السعودية


وقال معالي الشيخ صالح بن حميد:” معاشر المسلمين : عيدكم مبارك ، وتقبل الله منا ومنكم الصيام ، والقيام ، وسائر الطاعات ، هذا يوم من أيام الله المباركة ، إنه عيدنا أهل الإسلام، وسمي عيدا لكثرة عوائد الله تعالى على عباده ، بالبر ، والإحسان ، والإنعام ، توالت نفحات ربنا في أيام دهرنا ، فعم الوجود بره ، ولطفه ، ورحمته ، وغفرانه ، والعسر بفضل الله لا يدوم ، والشدة لا تطول ، والليل يعقبه الصباح ، والصبر عبادة ، والرضا إيمان ، والدعاء يرفع الهموم، الله اكبر ، فهو يستر العيوب ، والله اكبر ، وهو يدفع الكروب .
وأضاف معاشر المسلمين : خلق الإنسان هلوعا ، وهو أكثر شيء جدلاً ، وقد أتي عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا ، وهو على نفسه بصيرة، يقول الفضيل بن عياض رحمه الله : ” الناس ما داموا في عافيه فهم مستورون ، فإذا نزل البلاء صاروا إلى حقائقهم فصار المؤمن إلى إيمانه والمنافق إلى نفاقه، ) وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ( .
وأوضح معاليه أنه في حال الابتلاء يتبين من يعبد ربه ، ومن يعبد هواه في الابتلاء تمايز الصفوف بين أهل الإيمان وأهل النفاق، الله اكبر ، أولى من حُمد ، والله أكبر ، أحق من شُكر ، والحمد لله ، أرحم من قصد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد، يقال ذلك – عباد الله – والعالم تجتاحه هذه الجائحة التي لا تعرف الحدود ، ولا تستأذن في الدخول ، ولا تحدها سلطة ، ولا يمنعها مانع، جائحة أظهرت ضعف الإنسان ، وقلة حيلته ، وقصر نظره ، فلا الثراء منها يمنع ، ولا الفقر يوقع فيها، جيش أبرهة هلك بالأبابيل ، والنمرود هلك ببعوضة ، وهذا المخلوق الضعيف أمات مئات المئات ، وحبس الناس ، وقطع الاتصالات، أغلقت الحدود ، وأعلنت الطوارئ ، وتوقفت الرحلات.
وقال الشيخ بن حميد:” كم يجثو على أرض المطارات من الطائرات ، وكم يقف في المحطات من قطارات، مخلوق صغير لم تعجزه الدول الكبرى ، ولم توقفه الأمم العظمى ، يرهبهم العطاس ، ويبعثرهم السعال ، كل يبحث عن النجاة ، مخلوق صغير لا يرى بالعين المجردة ، جاء ليوقظ من غفلة ، وليكشف العجز ، ويبرز الضعف ، وليدل على الواحد القهار القادر الجبار ، ذي العزة والجلال لا إله إلا هو، أوقف العالم ، ولم يقعده ، وشل أركان الدول ، وعثا في الأمم ، ارتعد أمامه الأقوياء ، واضطربت من جرائه الدول ، واهتزت له منصات العالم ، أسمع صرير أقلام الكتاب ، والفلاسفة ، والمحللين ، لا عظيم إلا المهيمن الجبار ، ولا قوي إلا الله الواحد القهار، جائحة اضطربت فيها أحوال دول ، ومجتمعات ، وأسر ، وأفرادٍ وتغيرت فيه برامج ، وأغلقت مدارس ، ومساجد ، وبيع ، وصوامع ، وجامعات ، وأقفلت الحوانيت ، والأسواق ، والملاعب ، وهز اقتصاد العالم ، فعز ذليل ، وذل عزيز ، يرسم معالم الموت ، ويكتب مشاهد الوفاة ، ويعلن مراسم الحداد ، ويلغي مواسم الأفراح، هذه هي الجائحة في حقيقتها ، وابتلاءاتها ، وآثارها، الله أكبر ، تفرد في ملكه بالقوة القاهرة ، ووعد المحسنين بالفوز في الآخرة ، فيابشرى الموعود بما وعد” .
وتابع معاليه قائلا : أيها الإخوة : أما دروس هذه الجائحة وعبرها ، فحدث عن الجائحة ولا حرج، من هذه الدروس – عباد الله – : درس الابتلاء ، فالبلاء مع الصبر يقوي القلب ، ويمحو الذنب ، ويقطع العُجْب ، ويُذْهِب الكِبّر ، ويذيب الغفلة ، ويحيي الذكر ، ويستجلب دعاء الصالحين ، ويوقظ من الركون إلى الدنيا ، ويحصِّل رقة القلب ، والاستسلام للواحد القهار .
وبين أن في الابتلاء يراجع العبد علاقته بربه ، وصدقَه في الالتجاء إليه وحده ، وحسن توكله عليه ، وقطعَ كل أسباب التعلق بغيره، وفي الحديث: ” لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه ، وولده ، وماله حتى يلقى الله ، وما عليه خطيئة ” ، رواه الترمذي ، وقال حديث حسن صحيح ، ويقول الحافظ بن القيم رحمه الله : ” فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن ، والابتلاء لطغوا ، وبغوا ، وعتوا “، الله أكبر كبيرا كما أمر ، والله أكبر إرغاما لمن جحد به وكفر ، والحمد لله ما اتصلت عينه بنظر ، وأذن بخبر .
وأكد الدكتور صالح بن حميد أن ومن دروس هذه النازلة : التبتل في العبادة ، وإحسان الوقوف بين يدي الله ، فقد كان الإمام مسروق بن الأجدع التابعي الجليل – رحمه الله – يمكث في بيته أيام الطاعون ويقول :” أيام تشاغل فأحب أن أخلو للعبادة ” ، وأصدق من ذلك وأبلغ قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ” العبادة في الهرج كهجرة إليّ”.
وقال معاليه: يا عبدالله هاجر إلى الله وإلى رسوله بقلبك وعبادتك ، سبح بحمد ربك ، وَصَلِّ ، وتصدق ، وصم ، واعمل صالحا ، والزم بيتك ، وعليك بخاصة نفسك ، تحفظ نفسك ، وتحفظ غيرك، آيات التخويف إذا تعامل معها العبد التعامل الشرعي عظم أجره ، واطمأن قلبه ، وزاد إيمانه ، وعظم ثباته، يقول النعمان بن بشير رضي الله عنه : ” إن الهلكة كل الهلكة لمن يعمل بالسيئات وقت البلاء ” .
وواصل معاليه يقول أيها المسلمون : ومن دروس هذه الجائحة : التباعد الاجتماعي، هذا التباعد ، وهو تقارب ، محطة هادئة جميلة : الحمد لله : اجتماع مختصر مع الأحبة ، مع الآباء ، والأمهات ، والأزواج ، والأولاد ، والإخوة ، والأخوات ، لم تشردوا من الأوطان ، ولم تسكنوا الخيام ، ولم ينقص الطعام ، تملكون الصحة والعافية ، واجتماع شمل الأسرة، ترممت العلاقات البشرية الاجتماعية التي خلخلها الانشغال برغبات النفس في رحلات وحفلات ، واستسلام للمشتهيات والرغبات، والمشتريات ، بل أغلقت المتاجر لتعود العائلة إلى بيتها ، وتقضي كل يومها في كنفه ودفئه ، فصارت تأكل في البيت ، وتتعلم في البيت ، وتصلي في البيت ، فتوثقت العلاقة ، وبرزت الحميمية ، تعلموا كيف يتسوقون عن بعد ، وتعلموا عن بعد ، بل ويترافعون إلى المحاكم عن بعد ، وينجزون معاملاتهم العامةَ والخاصةَ عن بعد ، ويتسلون عن بعد ، بل يصدرون قراراتهم الكبرى عن بعد ، وما كان يحتاج أياماً وأسابيع صار يقضى في ساعات ودقائق، تعلمت الأسرة كيف توفر الكثير من مدخراتها ومدخولاتها ، اعتمدت على البيت ، وباشرت العمل بنفسها ، أقامت مناسباتها من غير قصور ولا قاعات ، ومن غير هدر للأموال والأوقات ، في مراجعة لسياسيات الإنفاق الأسري ، وعادات الإسراف ، وطرائق التواصل الاجتماعي ، والتكافل الإيجابي ، والموازنة بين الضروريات ، والحاجيات ، والكماليات، وقبل ذلك وبعده التفطن العظيم لنعمة الأمن ، والصحة ، والفراغ ، وحرية الحركة ، والتنقل ، والاجتماع ، وإدراك العقلاء أن الاقتصار على أساسيات الحياة والاكتفاء الذاتي من أعظم أسباب التغلب على كثير من نوازل الحياة وتقلباتها وهامشياتها .
// يتبع //
06:51ت م
0014



تاريخ النشر: 2020-05-24 06:51:27



تفاصيل الخبر من المصدر : وكالة الانباء السعودية
اخبار السعوديةالوصول السريع: