الكويت : جريدة الجريدة الكويتية | هل تتسبب جائحة كورونا في تأجيل «أمة 2020»؟

فندق

خبراء دستوريون لـ الجريدة•: يجب عقد الانتخابات بموعدها… والتأجيل يسمح بعودة مجلس 2016

أكد خبراء دستوريون ضرورة عقد الانتخابات في موعدها، مع اتباع الإجراءات الاحترازية الصحية، لأنها استحقاق دستوري يرتبط بسلامة عمل المجلس، ولا يوجد في الدستور نص بتأجيلها، مشيرين إلى أن التأجيل يسمح بعودة مجلس 2016.

في وقت تتزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، مع عودة الموجة الثانية للفيروس، تثار مخاوف من إصدار الحكومة سلسلة من الإجراءات الاحترازية، منها العودة الى الحظر الجزئي أو الكلي في البلاد، لمواجهة تلك التداعيات، في ظل اقتراب موعد انتخابات مجلس الامة، والتي من المتوقع إجراؤها 28 نوفمبر المقبل، بعد توقعات صدور مرسوم الدعوة لفض دور الانعقاد قبل 30 الجاري.

وتثار جملة من التساؤلات حول جواز تأجيل العملية الانتخابية المقبلة للتعامل مع تداعيات كورونا، التي بات القرار الصحي سيدها في ظل استحقاقات دستورية فرضتها أحكام الدستور الكويتي، والتي توجب عقد الانتخابات في موعدها، وإلا جاز عودة مجلس 2016 الذي ستنتهي ولايته، ليكمل دوره الى حين استقرار الاوضاع الصحية.

بداية، قال الخبير الدستوري المستشار القانوني في الديوان الأميري د. عادل الطبطبائي، لـ«الجريدة»، «يمكن إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة مع تطبيق الإجراءات الاحترازية الطبية اللازمة»، لافتا إلى أنه لا يوجد في الدستور ما يسمح بتأجيلها، وأضاف: «من الممكن بالطبع مد الفصل التشريعي بقانون للضرورة في حالة الحرب، وهذا الشرط يمكن تفسيره بمرونة».

تأجيل محدود

بدوره، ذكر رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة الدستورية رئيس محكمة التمييز السابق المستشار فيصل المرشد أن عقد الانتخابات البرلمانية المقبلة من الممكن تحقيقه عمليا، لان العديد من مظاهر الحياة عادت، وبالتالي فإن عقد الانتخابات مع ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية الصحية، كالالتزام بارتداء الكمام، والتباعد، من المسائل التي يمكن اتباعها، خصوصا أن العديد من الدول اتبعت ذات المسائل في تنظيم ذلك.

ضرورات

وأضاف المرشد أن تأجيل الانتخابات قد يتحقق لأجل محدود، ولضرورة أمنية أو صحية، ويجب أن تكون تلك الضرورات حقيقية وليست تحايلا، لأن عدم عقد الانتخابات في مواعيدها المقررة سيرتب عودة المجلس المنتهية ولايته، لاسيما أن الدستور حدد مدة المجلس بأربع سنوات ميلادية.

ميقات معلوم

من جانبه، أكد الخبير الدستوري د. محمد الفيلي أن الانتخابات استحقاق دستوري، ترتبط به سلامة عمل مؤسسة مهمة وهي مجلس الامة، وبما أن الدستور حدد ميعادا لنهاية الفصل التشريعي فإنه بنهاية هذا الميعاد يفقد الأعضاء صفتهم، لأن مفهوم الديمقراطية قائم على مجلس منتخب لميقات معلوم، كي يجدد الناخب إرادته في الاختيار، وفي حياة كل الجماعات الإنسانية هناك لحظات اضطرابات ولحظات غير عادية كتوترات وغيرها وهذا متوقع.

وتابع الفيلي: «ان الدستور وضع حلا واحدا، وهو أنه إذا كانت هناك حالة حرب، وفي أثناء الحرب ظهرت ضرورة يمكن معها مد الفصل التشريعي، وبالتالي فإن تأجيل الانتخابات بقانون، ويفترض أن هذا القانون يحدد الاجل لهذا المد، والآن هل لدينا حرب؟ فالحرب وفق الدستور هي عدوان يقع على الدولة، وتنشأ حاجة للدفاع عن النفس، لان الحرب الهجومية محرمة واعلان الحرب يكون بمرسوم».

الأحكام العرفية

وعما إذا كان وباء كورونا يعتبر كحالة حرب، أوضح أنه في حالة استخدام كورونا كسلاح بيولوجي من قوة معادية في مواجهة الدولة يكون ذلك، لكن يلزم إعلان مرسوم الحرب، ولكن هل الدستور يتصور أن تجرى الانتخابات في فترات اضطرابات وتوتر؟ نعم يتصور ذلك بدليل انه في حالة إعلان الأحكام العرفية والمجلس في حالة حل فالدستور يقول تعرض على المجلس المقبل، ووفق من وضع الدستور يمكن اجراء الانتخابات حتى في حالة اعلان الاحكام العرفية، ونأتي الآن مع أسلوب التعامل مع الفترات الاستثنائية في سبيل تنظيم الانتخابات، فالتنظيم واجب والحالة الاستثنائية قائمة وعقلا دائما توجد كيف يتم التنظيم، وهنا يملك المشرع وضع قواعد تنظيمية تأخذ بالاعتبار حماية الافراد من المخاطر دون المساس بفكرة الانتخابات العامة.

العزل الشفاف

واستدرك د. الفيلي: «وفق القواعد المعروفة ينشأ الانتقال من الالتصاق، ومن التقارب الشديد بين الناس، والحل هو وضع الكمامات والتباعد، وهذا يمكن احترامه والأخذ به مع تنظيم الانتخابات. نعم هناك اجتماعات انتخابية يمكن أن تمارس عن بعد، ونعم هناك لحظة الاقتراع يمكن تنظيم تباعد الناس وحتى الكشف عن الوجه من قبل الناخب لمطابقة ذلك، ويمكن تصور فكرة مكان العزل الشفاف ويوجد به من يراقب الشخصية، أو يمكن وضع كاميرات للرؤية عن بعد لمن يراقب».

واردف: «إذن الحلول متوافرة، ويسهل هذا الحل، لان الانتخاب حق شخصي، ومن لا يريد أن ينتخب فهو يمارس حقه الشخصي وعدم الخروج لذلك، وإذا وضعنا الأمور في إطار الواقع فالناس خرجت لانتخابات فرعية، وتخرج للأسواق وممارسة طقوس ذات طابع ديني وللنزهة، فتستطيع أن تخرج لاختيار من تريد انتخابه من المرشحين وهذا في اطار القانون القائم».

ولفت الى أنه يمكن للمشرع ان يأتي بحلول جديدة مثل التصويت عن بعد، لكن في الاطار القائم، ولكن الحلول التي يمكن الاخذ بها لا تحتاج الى تعديل تشريعي، وفي النهاية كل الامم تواجه طوارئ، وهذه قد تكون امتحانا لقدرتها وصلابتها لتأكيد وجودها، واعتقد ان الشعب الكويتي قادر على ذلك، من خلال استخدام الوسائل الاحترازية عند ممارسة العملية الانتخابية.

معضلة صحية

من جهته، تساءل د. خليفة الحميدة: «في حال انتهاء مدة الفصل التشريعي، وكانت هناك معضلة صحية بإجراء العملية الانتخابية فما الحل الدستوري لذلك؟ الحقيقة ان الدستور اغفل الاجابة عن هذا التساؤل، وحتى عند بحثنا لن نأتي الى اجابة صريحة، وأؤكد أن المشكلة تكمن في انتهاء عمر المجلس ولم تنته الاجراءات والتدابير الصحية لمواجهة جائحة كورونا».

وأضاف د. الحميدة أن هناك حلولا متصورة بتطبيق حالة الضرورة لمد عمر المجلس، سواء لحكم المادة 83 أو 181 من الدستور، لأنها حلول غير مناسبة، لافتا إلى أن المادة 83 من الدستور بينت ان عمر المجلس أربع سنوات، ولا يمكن مد عمره إلا في حالة الضرورة، وهنا يرى البعض مد الفصل التشريعي، وهذا الأمر لا يمكن الأخذ به لسببين، الأول أن المادة ذاتها تنهى عن مد عمر المجلس، والآخر انه لا يمكن الاخذ بفكرة الضرورات تبيح المحظورات لأن الدستور جاء لينظم كل المسائل، ومنها الاحكام العرفية، ومن ثم فإن استعمال مصطلح الضرورة عمل غير صحيح.

و أشار إلى أن «البعض قد يثير نص المادة 181 من الدستور، التي تتكلم عن الاحكام العرفية، والتي تقرر عدم تعطيل أحكام الدستور إلا في حالة الأحكام العرفية، وايضا هذا القول لا يسمح لنا الاستعانة به لمد الفصل التشريعي، وآخر الحلول هي نص المادة 106، وحق الحكومة في تأجيل أعمال المجلس شهرا، ومده لشهر آخر بموافقة المجلس، وهذا أمر لا ينفعنا، وذلك وفقا لنص المادة 106، إلا أنها لا تتناسب معنا لأننا في الفصل الاخير وعلى أيام من نهاية عمر المجلس».

حلول تأجيل الانتخابات

قال د. خليفة الحميدة إن «هناك عدة حلول لمواجهة قضية تأجيل الانتخابات، ومنها تعديل الدستور، لأنه حدد مدة مجلس الامة بأربع سنوات، ويمكن أن يضاف للمادة 83 جواز المد بعد موافقة الأمير وموافقة ثلثي الاعضاء لمد الفصل التشريعي عند مواجهة ظروف طارئة، وهذا الحل ورد في المجلس الدستوري الفرنسي عندما قرر التعديل».

وأضاف: «هناك أيضا حل بتعديل قانون الانتخاب بأن يبدأ موعد الاقتراع من الثامنة صباحا الى أن ينتهي موعد الانتخاب، بدلا من النص الحالي الذي يقيد عملية الاقتراع من الثامنة صباحا الى الثامنة مساء، كما أنه يمكن اللجوء الى نص المادة 107 لحل مجلس الامة، فإذا مضت فترة الشهرين دون عقد الانتخابات يرجع المجلس السابق ليستمر في عمله الى حين تحديد موعد ملائم لعقد انتخابات جديدة، على أن يكون الحل قبل 10 ديسمبر المقبل».



تاريخ النشر: 2020-09-22 00:05:00

الناشر/الكاتب:

الجريدة | قصر العدل – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية