المغرب: تدوينات أو أشرطة فيديو أو إبداعات فنية قادت شبابا إلى السجن.. القائمة السوداء لـ «الردة الحقوقية»

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

بعد تحقيق المغرب قفزة حقوقية نوعية، خاصة بعد موجة الربيع العربي والتصويت على دستور 2011، والمواقف الإيجابية للملك محمد السادس بعدم تفعيل الفصل 179 في وجه المواطنين، الذين يوجهون له انتقادات، حيث توقفت المتابعات منذ حوالي 2008، لتعود بقوة وغزارة أكثر من السابق في نهاية السنة الماضية ومطلع السنة الجديدة، وهو ما اعتبره الحقوقيون والمتتبعون للشأن الاجتماعي والقضائي المغربي ردة حقوقية وتقهقرا في المجال، قادته السلطات المغربية لمواجهة مد الاحتقان من الأوضاع الاجتماعية.وعرفت الآونة الأخيرة سلسلة اعتقالات ومحاكمات طالت صحافيين وناشطين حقوقيين، سواء بتهم مباشرة أو غير مباشرة، أبرزهم الصحافي عمر الراضي بالدار البيضاء، والناشط عبد العالي باحماد الملقي بـ «بودا غسان» بخنيفرة، وآخرون بكل من الخميسات وتطوان والعيون وطاطا وسطات ومكناس، كما عرفت استعمال الفصل 179 من القانون الجنائي المغربي، المتعلق بإهانة الملك أو ولي العهد، والذي ينص على أنه «يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات، وبغرامة من مائتين إلى ألف درهم، من ارتكب إهانة موجهة إلى شخص الملك، أو إلى شخص ولي العهد.»اختلفت التهم الموجهة للمواطنين المعتقلين، غير أنها ظلت تدور في فلك السب والقذف والتحريض والإهانة والمس بالمقدسات، كما ظهرت بينها ملتمسات بالمتابعة وفق الفصل 179 من القانون الجنائي المغربي، وهو الفصل الذي تم إهماله طيلة عقد من الزمن، قبل أن تتم العودة إليه من جديد ووضعه مقابل الشباب المغاربة الذين عبروا عن سخطهم من الأوضاع الراهنة، وإن بطريقة تحمل شيئا من الجرأة، لكنها لا تصل إلى درجة سلبهم حريتهم ومحاكمتهم بتهم مختلفة لا نية لهم بها، خاصة وأن أغلبهم عبر عن اعتذاره لشخص الملك، ولكل من أساء إليه في الفضاء الرقمي. «بودا» وإحراق العلم الوطني بباريسآخر الأحكام في السلسلة الطويلة أصدرته المحكمة الابتدائية بمدينة خنيفرة، الخميس الماضي، والذي قضى بإدانة عبد العالي باحماد المعروف بلقب “غسان بودا” بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرتها هيئة الحكم في 10 آلاف درهم، بعد متابعته بتهم تتعلق بـ”التحريض على إهانة علم المملكة ورموزها، والتحريض على الوحدة الوطنية”.وجاء النطق بالحكم في القضية، التي رافقتها وقفة احتجاجية أمام المحكمة من طرف نشطاء حقوقيين وفعاليات حجت من مختلف مدن المغرب، في وقت متأخر من مساء الخميس الماضي، بعد أن حجزت هيئة الحكم الملف للتأمل إثر انتهاء فصول المناقشة التي كانت قد انطلقت منذ حوالي الثانية بعد الزوال، واستمرت ساعات طوال قبل قرار المحكمة بإدخالها للتأمل ثم النطق بالحكم.وكانت السلطات الأمنية بمدينة خنيفرة قد اعتقلت الناشط الحقوقي “غسان بودا” في 18 دجنبر المنصرم، واقتادته نحو ولاية الأمن بمدينة بني ملال، بعد ساعات من الاستماع إليه، قبل أن تعيده إلى خنيفرة لمواصلة التحقيق، ثم تقديمه أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمدينة في حالة اعتقال، وهو ما جعل المحكمة تقرر الاحتفاظ به رهن الاعتقال الاحتياطي، وتحديد جلسة لمحاكمته التي لم تستمر طويلا، قبل أن تدينه بسنتين حبسا نافذا.واستندت التحقيقات الأمنية على تعليمات النيابة العامة المختصة بخصوص الأمر باعتقال الناشط الحقوقي “غسان بودا” إثر نشره تدوينات عبر منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تطرق فيها لموضوع إحراق العلم الوطني في المسيرة المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس تضامنا مع معتقلي حراك الريف، وهو الموضوع الذي كان أثار جدلا واسعا بالمغرب، وخلق توترا داخل سجن راس الماء بفاس، بعد أن تم تسريب تسجيل صوتي لقائد الحراك ناصر الزفزافي حول القضية نفسها.كما تم التحقيق أيضا مع “بودا” ابن مدينة أجلموس بجبال الأطلس، بخصوص تدوينات أخرى وتكييف التهم المرتبطة بها لتصبح ذات صبغة تتعلق بالتحريض على الوحدة الوطنية، كالتدوينة التي قال فيها: “إذا جاع الفقراء فإن الأغنياء لن يستطيعوا النوم”، حيث اعتبرتها النيابة العامة عبارة مسيئة ومحرضة للمجتمع، حيث وجهت للناشط الحقوقي تهمة المس بالمقدسات وإهانة العلم الوطني، على خلفية مجموعة من التدوينات المنشورة على حسابه بفيسبوك .الوضع الصحي بالمستشفيات يُغرق «التيبورون»بسبب سوء أحوال الأوضاع الصحية بالمغرب، أدانت المحكمة الابتدائية بمدينة تطوان، يناير الجاري، سعيد شقور الملقب بـ”التيبورون” الذي ظهر في شريط فيديو من قلب مستشفى سانية الرمل بالمدينة، وهو يوجه انتقادات للمسؤولين بالقطاع الصحي وللملك، وحكمت عليه بسنتين حبسا نافذا، وغرامة مالية حددتها في 5000 درهم، بعد متابعته بتهم تتعلق بـ”إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم، وإهانة هيئات منظمة والإخلال العلني بالحياء.”وكان “التيبورون” قد ظهر في شريط فيديو من قلب مستشفى سانية الرمل بتطوان، في بداية دجنبر المنصرم، وهو مستاء من الوضع الصحي، وشرع في التلفظ بعبارات مسيئة للمسؤولين بالقطاع الصحي وللملك، لعدم الاهتمام بوضعه، حيث ولج المستشفى مصابا في رجله إثر حادثة سير، غير أنه اعتذر عما صدر منه في فيديو جديد، بعد حوالي أسبوع، بعد أن خضع لعملية جراحية، موضحا أنه لم يكن في وعيه، وأنه فوجئ بما قاله في شريط الفيديو، خاصة بعد أن أخبرته عائلته بما فعل، ونبهته إلى ذلك، مجددا اعتذاره، ومطالبا الملك في الوقت نفسه بالالتفات إلى أوضاع المستشفيات في المغرب.ورغم ذلك، فقد أقدمت السلطات الأمنية بمدينة تطوان على اعتقال “التيبورون” يوم الجمعة 20 دجنبر، من داخل مسكنه بحي “الكريان”، على خلفية شريط الفيديو الأول، وعملت على التحقيق معه، قبل إحالته على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، حيث تقرر متابعته في حالة اعتقال، وعقدت أولى جلسات محاكمته التي تأخرت إلى جلسة الاثنين، كما تم وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن “الصومال”، لتصدر هيئة الحكم قرارها بإدانته بالحبس النافذ لسنتين، مع أداء غرامة مالية حددتها في 5000 درهم، بعد اقتناعها بالتهم الموجهة إليه، رغم تأكيده أنه كان يمر بفترة حرجة، واعتذر في شريط فيديو آخر، غير أن القضاء آخذه بما ورد في شريط فيديو الأول.أغنية «فهمنا» تجر «ستالين» إلى المقصلةبسبب أغنية راب نشرها بموقع “اليوتوب” ينتقد فيها المسؤولين، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة العيون بالحبس النافذ 4 سنوات في حق تلميذ آخر يدرس بالبكالوريا، ويتعلق الأمر بـ”حمزة أسباعر”، الذي تم اعتقاله من الملعب المحلي بمدينة المرسى، حيث كان يتابع مباراة في كرة القدم، وهو مغني راب معروف بلقب “ستالين”، سبق وأن أصدر أغنية أولى أذاعها على قناته بموقع “اليوتوب” في غشت الماضي، قبل أن يصدر أغنية ثانية بعنوان “فهمنا” ضمن فيها انتقادا للأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد، وبعض الأحكام القضائية، ليتم اعتقاله بعدها بنحو شهرين ومحاكمته.وكان “ستالين” البالغ من العمر 17 سنة، قد أصدر أغنية راب تحمل عنوان “فهمنا”، تنتقد الوضع بالبلاد، وبثها على قناته بـ”اليوتوب” في أكتوبر المنصرم، قبل أن يتم اعتقاله يوم الأحد قبل الأخير من طرف السلطات الأمنية، بمدينة المرسى جنوب مدينة العيون، والتحقيق معه، ثم تقديمه أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمدينة العيون، حيث تمت محاكمته وإصدار حكم يقضي بمعاقبته 4 سنوات حبسا نافذا، حيث تم إيداعه سجن “لكحل” بالمدينة.«مول الكاسكيطة» ينتقد الملك ويحصل على 4 سنوات حبساوبسبب جرأته والمتابعة الكبيرة لقناته على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر نشره شريط الفيديو الشهير في نهاية السنة المنصرمة، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة سطات، بالسجن 4 سنوات نافذة، في حق محمد السكاكي المعروف إعلاميا بـ”مول الكاسكيطة”، بعد متابعته وفق الفصل 179 من القانون الجنائي المغربي، المتعلق بإهانة الملك، بعد اعتقاله من طرف عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ومتابعته من طرف 30 جمعية.وفي تفاصيل الحكم، أفادت مصادر “أخبار اليوم” أن هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية لسطات قضت بإدانة “مول الكاسكيطة” بالحبس النافذ لمدة أربع سنوات، وأداء غرامة مالية قدرتها المصادر ذاتها في 40 ألف درهم.وكان محمد السكاكي قد اعتذر للشعب المغربي وللملك، في كلمته الأخيرة قبل حجز الملف للتأمل، موضحا أنه كان يهدف إلى الانتقاد البناء، وليس توجيه السب والشتم والإهانة، وأنه إذا تم فهم رسالته بتلك الطريقة فهو يقدم اعتذاره عما بدر منه، غير أن المحامية والحقوقية سعاد البراهمة تكهنت بصدور حكم قاس في حقه بسبب تفعيل الفصل 179 في وجهه، والمتعلق بإهانة الملك. وبالفعل أدانته المحكمة بأربع سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية رغم تبريراته واعتذاره، ليكون أحد الضحايا المباشرين للفصل المذكور.«مول الحانوت» يؤدي ثمن 4 أشرطة فيديو بالحبس 3 سنواتبسبب أشرطة فيديو نشرها، تتضمن اتهامات لشخصيات معينة، وانتقادات حادة للسلطات المغربية وأيضا للملك، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة الخميسات الأسبوع الماضي، بثلاث سنوات سجنا نافذا و20 ألف درهم كغرامة مالية، في حق محمد بودوح المعروف إعلاميا بـ”مول الحانوت”، وذلك بعد إدانته بتهم مختلقة تتضمن أيضا المس بالمؤسسات الدستورية، كما توبع أيضا بالفصل 179.وجاءت متابعة البودكاستر “مول الحانوت”على خلفية نشره لفيديو بموقع التواصل الاجتماعي، ينتقد فيه الوضع العام بالبلاد، ويشتكي من شخصيتين نافذتين ذكرهما بالاسم، حيث حددت متابعته في مجموعة من التهم تتضمن “القذف والسب العلني، والتبليغ عن جرائم خيالية يعلم بعدم حدوثها، والإساءة للمؤسسات الدستورية ورموز المملكة وثوابتها، والتحريض على القيام بجنح وجنايات، وإهانة هيئات ينظمها القانون، والتحريض على الكراهية، وإهانة هيئات منظمة”.وأصدر “مول الحانوت” الذي اشتهر بتصوير تدخلاته عبر أشرطة فيديو من داخل محل للبقالة، مجموعة أشرطة تتضمن انتقادات قوية، آخرها شريط نشره في دجنبر المنصرم.مقطع مكتوب من أغنية «عاش الشعب» يودع تلميذ مكناس السجنانتقى التلميذ أيوب محفوظ مقطعا صغيرا من أغنية “عاش الشعب” التي أصدرها مغنو الراب ولد لكرية، ولزعر، ولكناوي، لينشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، “فيسبوك” مرفوقة بصورته مع كلب، وهو ما كان كافيا للسلطات الأمنية لاعتقاله والتحقيق معه بتعليمات من النيابة العامة، وتقديمه للمحاكمة، بابتدائية مكناس، والحكم عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا، وغرامة قدرها 5000 درهم.أيوب محفوظ، في سن 18 سنة، يدرس بالسنة أولى باكالوريا، تمت مواجهته مباشرة بالفصل 179 من القانون الجنائي المغربي، ومتابعته أيضا بالمواد 263 و265 من القانون الجنائي، حيث وجهت له تهم تتعلق بـ”إهانة الهيئات الدستورية، وإهانة هيئات ينظمها القانون، وإهانة موظف عمومي”، حيث حكم عليه بالسجن، وبمصادرة هاتفه المحمول لفائدة إدارة أملاك الدولة، ليتم إيداعه سجن تولال، رغم مرافعات هيئة دفاعه التي التمست مراعاة ظروفه لصغر سنه، وأنه مازال تلميذا، لم يع خطورة الكلمات التي أوردها، وليست له النية للإهانة. قبل أن تنطلق أولى فصول محاكمته في الشق الاستئنافي وسط دعوات لانفراج في الملف.تضامن حقوقي واسع يطلق سراح عمر الراضيالصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي تم اعتقاله بسبب نشره تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، ندد فيها بحكم القاضي رئيس هيئة الحكم في غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، والقاضي بإدانة ناصر الزفزافي قائد حراك الريف ورفاقه بأحكام قاسية، ضمنها 20 سنة للزفزافي وآخرين، ليتم التحقيق معه بتهمة “ازدراء المحكمة”، حيث عقدت أولى جلسات محاكمته في حالة اعتقال، قبل أن تحسم الغرفة الجنحية في قرار متابعته في حالة سراح رغم قرار القاضي برفض طلب هيئة الدفاع.وكان الصحافي الراضي قد أنجز تحقيقات حول الاقتصاد الريعي بالمغرب، وكشف عدة قضايا فساد، مما أحرج المسؤولين، قبل أن يتم القبض عليه بعد مرور شهور عديدة على تغريدته، غير أنه كان عائدا للتو من الجزائر بعد قيامه بنشاط حقوقي هناك.وفي أول جلسة للمحاكمة بعد الإفراج عنه، أمرت هيئة الحكم بالمحكمة الزجرية التلبسية عين السبع بالدار البيضاء، بتأجيل الملف إلى بداية شهر مارس المقبل، من أجل إعداد الدفاع، حيث شهدت الجلسة تقدم عدد كبير من المحامين لمؤازرته، وتسجيل إنابتهم، ممثلين مجموعة من هيئات المحامين بالمغرب، إذ حضروا من مراكش وبني ملال وطنجة، بالإضافة إلى الدار البيضاء، حيث عملت المحكمة على تأجيل الملف لإعداد الدفاع، بطلب من المحامين، كما تم تنظيم وقفة احتجاجية تضامنية معه.



تاريخ النشر: 2020-01-16 10:30:57

الناشر/الكاتب: عبد الوهاب بارع

اليوم 24 – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية