جريدة الجريدة الكويتية | خبراء قانونيون لـ الجريدة•: «تعارض المصالح» يخالف الدستور وعلى المشرع عدم التوسع في التضييق على حقوق الموظفين


طالبوا مجلس الأمة بإعادة النظر في القانون لمخالفته المواد 18 و33 و34 و50 من الدستور

طالب عدد من الخبراء الدستوريين والقانونيين مجلس الأمة بإعادة النظر في أحكام قانون تعارض المصالح، الذي أقره المجلس مؤخراً ورُفِع إلى الحكومة لإصداره، لتضمنه عدداً من المخالفات الدستورية والقانونية.

وأكد الخبراء لـ«الجريدة»، أن القانون يتعارض مع أحكام المواد 18 و33 و34 و50 من الدستور، لتضييقه حق الملكية على موظفي الجهات الحكومية، للأسهم والحصص والنسب في الشركات لمجرد أن الوزارات التي يعملون فيها تعاملت معها، إضافة إلى تعارضه مع مبادئ الدستور التي تكفل شخصية العقوبة، وبراءة الإنسان من الاتهام، والفصل بين السلطات، وفيما يلي التفاصيل:

قال الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي، إن الافصاح عن وجود مصالح قد تتعارض مع الجهة التي يعمل فيها الموظف الحكومي إلزام قرره القانون الكويتي بموجب التصديق على انضمام الكويت لاتفاقية مكافحة الفساد عام 2006، ولم تتضمن الاتفاقية عدم إجراء تعاملات مالية.

وأضاف الفيلي، أن القانون يحظر على الموظف العام ممارسة النشاط التجاري إلا بترخيص من جهة عمله، لأنه مرتبط بالعمل وملتزم بأدائه، أما الحديث عن تملك الموظف لنسب أو حصص أو أسهم فهو أمر مباح للموظف وللوزير، أما الذي يجب أن ينظمه القانون فهو النظر إلى التعاملات المالية بين جهة الادارة والاطراف الاخرى، وتكون نتيجة التملك ظاهرة ومؤثرة لتلك التعاملات حتى لا يتم تجيير قرار الإدارة وربطه بمصالح مالية، وهذه هي النقطة المؤثرة.

التوسع في المنع

ويبين أن التوسع في المنع دون ربطه بالأمر المبرر له يعد تضييقا لحق التملك دون وجود مصلحة معتبرة، وهذا يفتح الباب لعدم دستورية هذا القانون، لأن المشرع ينظم حق الملكية في حدود المصالح، وإذا كان هناك تجاوز في التنظيم نكون أمام عدم تناسب، والمصلحة التي يهدف الى حمايتها القانون هي محاربة الفساد والتربح، وإذا لم تكن المصالح تبرر تقييد الحرية فيصبح التقييد بلا سند.

وعن تجريم القانون للمخاطبين للمصلحة المعنوية، قال الفيلي، إن الهدف من التشريع أن يكون القرار موضوعياً ولا يكون مشوباً باعتبارات شخصية، كما أن الهدف الذي يتعين تحقيقه هو البحث في وسائل فعلية وحقيقية، والأصل يلزم محاربة القرار غير الموضوعي، موضحاً أن الاثبات في تحقق المصلحة المعنوية التي يتحدث عنها القانون أمر يثير صعوبة، ومن غير الممكن الوصول إلى أن تعيين الموظف في جهة معينة جاء لتحقيق مصلحة لقريب له، وهي مسألة تتطلب إثباتا، ويلزم التعامل معها من الناحية الادارية لا وفق القانون الجزائي.

وأشار الفيلي إلى أنه لا يجب النظر إلى معيار القرابة وحده لإثبات تحقق المصلحة المعنوية، بل اتباع معايير افضل، وبالامكان إثباتها وتأكيد مدى اتصالها بالقرار المدعى بصدوره بأنه كان لإرضاء ذلك المسؤول، لافتا الى أن تطبيق القواعد الجزائية على هذه الحالة مثلا يتعارض مع مبدأ الاصل بالانسان البراءة، ويتعين على جهة العمل أن تقدم الدليل على وجود تلك المصلحة.

تنظيم المصالح

بدوره، قال أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. خليفة الحميدة، إن أي قانون عندما يصدر يأتي لتنظيم مصلحة وينتقص أخرى، وإذا لم يكن هناك توازن بين المصلحتين فهنا يحدث الإخلال على الحق الذي تم تقييده، ولا يمكن للقانون أن يؤدي الى نتائج منطقية بإلزام الموظفين الحكوميين بتقديم الافصاح عما يمتلكونه والتنازل عنه لأن في ذلك تعارضا لحق الملكية الذي قرره الدستور.


وأضاف الحميدة أن الحديث عن إمكانية محاسبة الموظف او المكلف بخدمة عامة لمجرد أنه سيكون له مصلحة معنوية من تعيين آخرين هو أمر لا يتفق مع السياسة الجنائية للقوانين، لأن النص يطلب معاقبة الشخص على مصلحة محتملة، في حين أن العقوبات في القانون الجزائي يجب أن تكون على ثبوت اقتراف المتهم للواقعة المنسوبة اليه.

مثالب قانونية

من جانبه، أكد المستشار القانوني شفيق إمام، أن قانون تعارض المصالح يتضمن العديد من المثالب القانونية، لافتا إلى أنه سبق أن أثار جزءا منها في مقالاته بشأن ما يتضمنه القانون من تجريم غير سليم لمجرد تملك الموظف العام لنسب او حصص او اسهم في شركة لديها تعاملات مالية مع الجهة الحكومية التي يعمل بها.

وقال إمام إن القانون سيجعل كل موظف يملك سهما أو أكثر في شركة مساهمة لها معاملات مالية مع الدولة في حالة تعارض مصالح، بحسب ما يجرمه هذا القانون ويعاقب عليها بعقوبة تصل إلى الحبس المؤبد أو المؤقت إذا لم يفصح عما يملكه من أسهم في هذه الشركة، ولم يبادر إلى التصرف في أسهمه لإزالة هذا التعارض، أو لم يقم باعتزال وظيفته وعمله، ولو لم يكن له أي صلة بهذه المعاملات المالية وذلك وفقا للفقرة الثانية من نص المادة الرابعة من «تضارب المصالح» التي تنص على أنه «مع عدم الإخلال بأحكام المادة 22 من القانون رقم 2 لسنة 2016 المشار إليه، يكون الخاضع (للقانون) في حالة تعارض مصالح تشكل جريمة فساد في إحدى الحالتين الآتيتين: ثانيا: امتلاكه أي حصة أو نسبة من عمل في أي نشاط، له تعاملات مالية مع جهة عمله».

وأوضح أن القانون خرج في بعض أحكامه عن الهدف الذي كان يبتغيه وهو الوقاية من تضارب المصالح من أجل إرساء مبدأ الشفافية والنزاهة في المعاملات الاقتصادية والتجارية، وفي استثمار أموال الدولة وإدارتها، وفي العمل على مكافحة الفساد ودرء مخاطره.

مخالفة «الملكية»

بدوره، قال المحامي أحمد الهندال، إن الزام العاملين في الجهات الحكومية بالتنازل عن النسب أو الحصص التي منها الاسهم في الشركات المساهمة التي تتعامل مع الوزارة التي يعملون بها تعاملا ماليا، أمر يخالف حق الملكية الذي نص عليه الدستور، إضافة إلى عدم وجود ارتباط بين الحق الذي يريد المشرع تنظيمه، وهو تضارب المصالح، وبين تملك الموظف في إحدى الشركات التي تتعامل معها الوزارة تعاملا ماليا، بغض النظر عن درجة الموظف أو وظيفته وتوقيت ملكيته لتلك الحصص أو النسب، وهو توسع غير مبرر من القانون.

وذكر الهندال أن القانون يجب أن يكون متناسبا مع الاحكام التي كفلها قانون مكافحة الفساد الذي ألزم من هم بدرجات محددة، وهم من فئة المدير فأعلى، بأن يقدموا إقرارات الذمة المالية، بينما القانون الحالي لم يستثن أياً من الموظفين من مسألة الافصاح، رغم عدم ارتباطها بالحالة المطلوب معالجتها، لافتا الى ان استمرار هذه النصوص سيجعل من العمل الحكومي أمرا مرهقا للموظف بأن يعمل عليه حق تملك الأسهم والنسب والحصص بإحدى الشركات، إضافة إلى منعه سابقا من ممارسة العمل التجاري الذي قد يؤديه بعد نهاية العمل الرسمي.

وأوضح أن أحكام القانون تتعارض مع أحكام المادتين 33 و34 من الدستور اللتين تقرران شخصية العقوبة وأصل البراءة، وذلك بتقريره عقوبات على الخاضعين لاحكام القانون لمصالح تعود لاقربائهم حتى الدرجة الرابعة رغم عدم ثبوت أي جهود قد بذلها الخاضع لاحكام القانون من اجل تلك المصالح التي قد تكون ناتجة عن كفاءة أقرباء الخاضع لاحكام القانون.

وطالب الهندال بضرورة إعادة النظر في أحكام «تضارب المصالح»، خصوصا ما قرره من تفويض السلطة التنفيذية لوضع الحالات التي تنطبق عليها احكام القانون مما يعد تفويضا تشريعا مخالفاً لأحكام المادة 50 من الدستور، التي تحظر تنازل أي سلطة عن اختصاصاتها لسلطة اخرى، لاسيما أن التشريع مقرر للسلطة التشريعية وحدها، ولا يمكن لها أن تتنازل عنه للسلطة التنفيذية.


المحامي

http://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1522086370621265000/1522086458000/1280×960.jpg

تفاصيل الخبر من المصدر ( الجريدة)

نظام الارشفة الالكترونية