دلع المفتي: روايتي لم تقترب من التابوهات بطريقة فجة

نظام الارشفة الالكترونية

ليلاس سويدان|

«حرية الإبداع أم الرقابة» كان عنوان الندوة التي أقيمت في منصة الفن المعاصر (كاب غاليري)، والتي ناقشت هذا الموضوع الشائك الذي يؤرق الكاتب المعني بأن يكتب من دون قلق مسبق من الرقيب، وأن يمارس حقه في التعبير والإبداع في أوسع مساحة فكرية ممكنة، فلا إبداع من دون حرية ولا حرية بوجود لجنة رقابة على الكتاب، تطارد الكلمة كما يطارد الشرطي الممنوعات.

في البداية تحدث الروائي ابراهيم فرغلي، الذي أدار الندوة، عن السابقة التي حدثت أخيرا في الحكم القضائي الذي سمح بتداول رواية «رائحة التانغو» للكاتبة دلع المفتي، والتي تجعل أي كاتب يشعر بالسعادة، ويتأكد أيضا أن القانون متسامح مع مبدأ حرية التعبير، وأن هناك ثغرة، أو ربما عناصر غير مفهومة هي التي تجعل الرقيب يشدد قبضته الرقابية على الإبداع والكتب، ثم حاور المفتي حول أسباب المنع وحيثياتها وفكرة الكاتبة عن الرقابة، وقرارها بالذهاب للقضاء بعد منع روايتها، ودلالات الحكم القضائي بفسح الرواية وتأثيره في المناخ الرقابي بالكويت.
قالت المفتي إنها ترى أن حكم المحكمة الذي جاء لمصلحة فسح روايتها هو انتصار للكويت ودستورها ولحرية الرأي أيضا. وأشارت إلى أنه لم يخطر ببالها أن الرواية قد تمنع لأنها لم تقترب من التابوهات الثلاثة بطريقة فجة، وأن ما وصلها بشكل غير مباشر عن أسباب المنع غير منطقي. وقالت ان الفضل في ذهابها للقضاء يرجع للمحامي بسام العسعوسي الذي اتصل بها وطلب منها توكيله لرفع القضية.

قوانين متكاملة
المحامي بسام العسعوسي بدوره قال إن هذا الحكم غير مسبوق، وللمرة الأولى تسمح المحاكم الكويتية بإجازة رواية، والقاضي يبسط سلطانه على الرواية بعد الاطلاع على مضمونها. وقال العسعوسي إن تبرير وزارة الإعلام لمنع الرواية تبرير مطاط «مخالفة النظام الاجتماعي».. من يحدد ما هو النظام الاجتماعي؟، لذلك كان اللجوء للمحكمة أسلوبا حضاريا، وربما فتح هذا الحكم المجال للمثقفين للذهاب إلى المحكمة أيضا. وقال العسعوسي إن وزارة الإعلام تفرض سلطانها، لا لأن الرقيب الإعلامي الأدبي مقتنع بالمنع، ولكن لأن هناك قوى ظلامية تفرض شروطها وأوامرها ونواهيها، والوزير مهدد في أية لحظة بالاستجواب لأنه أباح عملا ما، يجب أن نتمسك بالمبدأ الدستوري الأصيل الذي يكفل حرية الرأي والتعبير.
وأكد العسعوسي اننا بحاجة لتعريف حرية الرأي التي يظن البعض أن السب والشتم يدخلان ضمنها، بينما يرى أن الرأي هو ما ينتجه الفكر ويقبله الضمير والمنطق، ومن يتمسك بحرية الرأي يجب أن يكون بداية صاحب رأي، ورأيه قابلا للمناقشة. فحرية الرأي مكفولة، ولكن من جهة أخرى هناك حرية للآخر في أن تصان كرامته وعرضه وشرفه من الانتهاك والإساءة، فالدستور الكويتي جملة متكاملة من المواد يعزز بعضها بعضا. وكما حرية الرأي مكفولة فحرية التقاضي مكفولة أيضا.

تنظيم الصفوف
وتحدث العسعوسي عن الاجراءت التي يجب أن يتبعها الكاتب إذا منع كتابه، بدءا من التظلم في وزارة الإعلام على القرار الإداري خلال مدة ستين يوما، وانتهاء بالذهاب للقضاء لرفع الدعوى إذا لم تستجب الوزارة للتظلم. وقال إن الحكم الذي حصل عليه لمصلحة رواية «رائحة التانغو» يحتاج الى دعم حتى يؤثر في مناخ الحريات، من طبقة المثقفين والسياسيين، فالطرف الآخر الظلامي فريق منظم، ونحتاج لأن ننظم صفوفنا في مقابله. وأوضح أن كثرة رفع دعاوى على وزارة الإعلام بخصوص الكتب الممنوعة وطلب التعويض عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة، سيجعل الوزارة تتردد في منع الكتب بهذه السهولة.

المصدر من القبس

نظام الارشفة الالكترونية