عُمان: جريدة الرؤية العمانية – “جارديان”: “تقرير مولر” يؤكد “فضيحة ترامب”.. والرئيس خارج “مصيدة سوء السلوك الإجرامي”

نظام الارشفة الالكترونية


 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

اعتبر مقال للكاتب جونثان فريدلاند في صحيفة “جارديان” البريطانية أن تقرير المحقق الخاص روبرت مولر في مزاعم انتهاكات ارتكبها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية الرئاسية، يؤكد “الفضيحة”، في إشارة إلى اتهامات بتواطؤ الرئيس مع روسيا وتلطيخ سمعة منافسته آنذاك الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وذكر المقال أن تقرير مولر لم يمنح أعداء ترامب “الدليل الدامغ “الذي يحلمون به، وبدلا من ذلك فقد أعطى الشعب الأمريكي وممثليهم المنتخبين “مسدساً كامل الذخيرة” مع ملاحظة مرفقة “الآن الأمر متروك لكم”. ويرى فريدلاند في مقاله أن تقرير مولر- المكون من 448 صفحة، حتى في شكله المنقح بعد إزالة الأسماء وبعض المقاطع- يمكن أن يمثل الذخيرة الكافية لتدمير هذا الرئيس، سواء من خلال إجراءات الإقالة هذا العام، أو عبر حرمانه من إعادة انتخابه في عام 2020. فالتقرير يؤكد الفضيحة صفحة تلو الأخرى ويتضمن الكثير من الحقائق المفصلة التي تجعل من الصعب إثبات الادعاءات التي جرى تداولها في ذلك الوقت باعتبارها أخبارًا وهمية. غير أن تقرير مولر لم يخطو خطوته الأخيرة لاتهام الرئيس الأمريكي بالتواطؤ مع الروس وعرقلة العدالة، نظرا لأن التقرير لم يقدم أدلة.

لكن المقال يرى النقيض من ذلك، معتقدا بوجود “الكثير من الأدلة”. وأوضح المقال أن وليام بار النائب العام الذي عينه ترامب، تمسك بالتقرير لفترة طويلة، وأصدر ملخصه الانتقائي للغاية والمكون من 4 صفحات في مارس الماضي، وهو مستند لم يتضمن جملة واحدة من نص مولر. بل كان هدفه الأساسي إظهار الرئيس في صورة إيجابية.

ومضى كاتب المقال شرح وجهة نظره قائلاً: “الآن نحن نعرف لماذا؟”، بالنسبة  لتقرير مولر فهو ملئ بإثباتات دامغة على أن ترامب وفريقه احتفوا بالمحاولة الروسية “الشاملة والمنهجية” للتأثير على الانتخابات الرئاسية عام 2016، والتي توقعوا “الاستفادة منها انتخابياً من المعلومات التي سرقت ونشرت بفضل الجهود الروسية”، فقد كانوا يخططون لحملتهم الانتخابية تخطيطا جيدا، بحسب رسائل البريد الإلكتروني التي تم اختراقها من مقر الديمقراطيين عن طريق قراصنة يتبعون المخابرات الروسية، وتم توجيهها على نحو مفيد عبر ويكيليكس. ولدى مولر الوثائق التي توضح أن جوليان أسانج (مؤسس ويكيليكس) أخبر أتباعه في وقت مبكر من نوفمبر 2015 باعتقاده أن “من الأفضل بكثير أن يفوز الحزب الجمهوري”.

ووفقاً لتقرير مولر فقد التقت إدارة ترامب بمبعوث الكرملين بهدف “تلطيخ سمعة” هيلاري كلينتون، وحاول أحد مساعدي ترامب إنشاء قناة خلفية لحكومة فلاديمير بوتين. وطوال الوقت نفت حملة ترامب وجود أي محاولة روسية للتدخل في العملية الديموقراطية الأمريكية. ومع هذا لم يرق أي من هذا لمستوى الجريمة، فوفقا لمولر “التواطؤ ليس جريمة محددة… كما إنه ليس مصطلحاً فنياً في القانون الفيدرالي”. بل إن مولر جعل هذا التوصيف بعيد المنال، فقد كان بحاجة إلى وجود “اتفاق حقيقي” بين ترامب والكرملين لخرق القانون والتدخل في انتخابات 2016. وبغياب ذلك أصبح ترامب خارج مصيدة ما يعرف قانوناً بسوء السلوك الإجرامي.

وعلى الجانب الأخر وفيما يخص عرقلة العدالة، يحدد التقرير الطرق العشر المختلفة التي سعى بها ترامب إلى تخويف أو خداع أو إحباط من يحققون معه، بما في ذلك مولر نفسه. فقد أخبر ترامب محامي البيت الأبيض بإقالة مولر وعندما رفض المحامي، أمره ترامب بإنكار أنه قام بذلك. وقال كاتب المقال: “ترامب يكذب ليل نهار ويطلب ممن حوله جميعا، بما في ذلك رؤساء وكالات الاستخبارات، أن يكذبوا أيضا”.

وتساءل المقال: لماذا إذن لا يخرج مولر ويتهم ترامب بعرقلة العدالة؟، وأجاب الكاتب: “جزء من الجواب هو أن مولر قد تأثر بالنظرية التي تقول إن الرئيس الذي ما زال على يحكم لا يمكن توجيه الاتهام إليه”، فقد ذكر مولر في تقريره: “لقد عقدنا العزم على عدم تطبيق نهج يمكن أن يؤدي إلى الحكم على أن الرئيس قد ارتكب جرائم”، والحقيقة أن هذا منطق عجيب وهو يعني “لأننا علمنا أننا لا نستطيع أن نتهم ترامب، فقد حرصنا على عدم العثور على أي من الأدلة”.

مرة بعد أخرى قام مولر بإصدار بعض الأحكام والتي ساعدت الرئيس بالتأكيد، فقد أراد ترامب عرقلة العدالة لكن تم إيقافه من قبل مساعدين “لم يوافقوا على طلباته”، لذلك ووفقا لمولر هذا لا يعد جريمة (كما لو كان يجب أن تكون العرقلة ناجحة لكي تصنف كجريمة). ولاتهام شخص ما بالعرقلة يتعين على المرء أن يعرف نية المفسد المزعوم، وهذا يتطلب مقابلة مع المتهم. لكن عندما رفض ترامب التحدث إلى مولر شخصيا قرر المحقق الخاص عدم استخدام حقه القانوني في استدعاء الرئيس، لأن هذا من شأنه أن يتسبب في “تأخير كبير”، وأن هناك ضغط كبير للانتهاء من التحقيق، وذلك يظهر أن مولر سمح لنفسه بأن يتعرض للترهيب من قبل ترامب وإداراته.

وهذا الأمر ليس شخصيا، فالأمر يتعلق باختلاف الثقافة السياسية. فرئاسة ترامب، والمكشوفة بكل قبحها في تقرير مولر، مبنية على تمزيق القواعد التي تدعم الديمقراطية الليبرالية ويعتمد نجاحها على عدم رغبة أصحاب الديمقراطية الليبرالية في فعل الشيء نفسه.

لا يتردد ترامب لحظة في أن يخرق أي اتفاق ضمني من أجل أن يبقي بعض الأطراف تحت المراقبة. فمن الواضح أن ترامب قد اعتبر النائب العام محامياً شخصياً له وكان بار سعيدا بهذا الدور؛ حيث كان يذهب كل خميس إلى مكتب ترامب كما لو كان متحدثه الرسمي في هذه القضية، بدلأً من كونه أكبر مسؤول عن تطبيق القانون في أمريكا. وفي وقت سابق كان النائب العام أطلع البيت الأبيض على محتويات تقرير مولر، في حين أنه من المفترض أن تكون المحتويات سرية. وعندما علِم مولر بذلك ظل صامتاً.

ووصف المقال سياسة ترامب بأنها تعكس قوة شعبوية استبدادية هائلة، وهي سياسات لا تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية فقط. فأصحاب هذه القوة يخرقون جميع القواعد ويعتمدون على التزام خصومهم بها، فهم يلعبون بقذارة ويثقون بأن الطرف الآخر سيلتزم بالقواعد، وهم يفعلون ذلك مرة أخرى الآن فهم يطالبون مولر بتبرئة ترامب بشكل واضح. ويرى كاتب المقال أن ما فعله المحامون “قانوني لكنه فظيع”.

غير أن الكاتب يصل في نهاية مقاله إلى حقيقة أن مولر لم يفشل حتى الآن، معتبرا أنه سلم الكونجرس مسدساً معمرا بالذخيرة، ما أوقعهم في معضلة حقيقية: هل يجب أن يحاكم ترامب على أساس الأدلة التي قدمها مولر؟ فالتقرير يلمح بوضوح إلى أن مهمة الكونجرس تتمثل في تطبيق “نظامنا الدستوري صاحب النظم والضوابط ومبدأ عدم وجود شخص فوق القانون”.

لكن تكمن المشكلة في أن أصوات الديمقراطيين لا تحظى بأغلبية الثلثين؛ أي 67 عضوا في مجلس الشيوخ، وسوف يحتاجون ذلك لإدانة ترامب في مجلس الشيوخ، وبالتالي عزله. وأظهر الجمهورين مراراً وتكراراً أنهم سيؤازرون ترامب بغض النظر عما اقترفه. وسيبقى ترامب في منصبه مثلما فعل كلينتون عام 1999، عندما انفجرت “فضيحة مونيكا”. ويرى الديمقراطيون أن مساءلة الرئيس ستستحوذ على طاقاتهم وتستهلك أجندتهم، فهم يفضلون الحديث عن توفير وظائف أو الرعاية الصحية.

ويرى كاتب المقال أن تجاهل الديمقراطيين لما كشفه تقرير مولر، سيدفع ترامب لمواصلة انتهاكه للقيم الديمقراطية ومواصلة الاستبداد وتأسيس “دولة العصابات”، مقرا بأن الإقالة لن تكون مجدية سياسيا، لكنه دعا الديمقراطيين إلى أداء واجبهم.



المحامي

تاريخ النشر: 2019-04-21 17:33:04

الناشر/الكاتب: https://alroya.om

جريدة الرؤية العمانية – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية