مجموعات عمل مؤتمر مكافحة الإفلات من العقاب تناقش مسائل الوصول إلى العدالة

قطر : مجموعات عمل مؤتمر مكافحة الإفلات من العقاب تناقش مسائل الوصول إلى العدالة

نظام الارشفة الالكترونية




ركزت مجموعات العمل الثلاث المنبثقة عن المؤتمر الدولي حول الآليات الوطنية والإقليمية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، في جلساتها اليوم على أهمية تحقيق العدالة والانتصاف للضحايا بسبب الجرائم الجسيمة والانتهاكات الصارخة التي تطالهم والمنافية للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان العالمية، ونبهت إلى أنه لا يمكن لأي آلية دولية الوصول للعدالة عند فشل الآليات الوطنية في القيام بذلك.وناقشت المجموعات ،كل في ما يعنيها، أهمية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالانتهاكات وآليات التعويض، وسلطت الضوء في هذا الصدد على بعض المبادئ الأساسية التوجيهية وأهمية تقييم التعويض مع ضمان عدم تكرار الجرائم والانتهاكات.وأكد المتحدثون الرسميون والمتداخلون في جلسة مجموعة العمل الأولى التي عقدت بعنوان “الوصول إلى العدالة.. المبادئ الأساسية والتوجيهية” ضرورة إحداث مقاربات مبتكرة لكافة آليات المساءلة والمحاسبة، بما يضمن عدم الإفلات من العقاب، وشددوا على أن العدالة جزء أصيل من حقوق الإنسان ويتعين الوفاء باستحقاقاتها في أي وقت، وأن جرائمها لا تسقط بالتقادم.في بداية الجلسة دعا رئيس المجموعة وهو نيكولوفيجا تثمنكا ، أمين عام منظمة “لا سلام بلا عدالة” إلى نقاش تفاعلي وحقيقي يحقق الفائدة من ورائه والمقاربات التي ينشدها المؤتمر فيما يعنى بمسألة مكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة وإنصاف الضحايا أينما وجدوا ، كما دعا إلى الاستفادة من الخبرات التي يسردها المتحدثون من خلال المهام التي يضطلعون بها في مجالات التحقيق في قضايا ومناطق نزاع عديدة بالمنطقة والعالم.وأكد على ضرورة أن يلتزم المجتمع الدولي والدول بمبدأ العدالة والقوانين التي توقع عليها، لافتا إلى أن انصاف الضحايا هو الخطوة الأولى التي تبرهن على هذا الالتزام المنشود.تحدثت في الجلسة السيدة كاثرين مارشي اوهيل ، وهي مدعية عامة دولية، ورئيس الآلية المحايدة والمستقلة الخاصة بسوريا، وقالت إن عمل هذه الآلية الجديدة يجسد إرادة سياسية هدفها إيجاد مقاربة عملية تكسر العناد الذي قد يحدث في مجلس الأمن فيما يتعلق بالوصول إلى العدالة وكيفية تحقيقها، لا سيما فيما يخص الجرائم المرتكبة في سوريا.وشرحت بالتفصيل أهمية عمل هذه الآلية من حيث جمع الأدلة والتحقق منها وتوثيق الانتهاكات والجرائم ورفع التقارير المرتبطة بذلك، والتواصل مع الجهات المعنية بالتحقق ومد جسور التعاون معها، أي توفير مقاربة مشتركة لجبر ضرر الضحايا وسماع صوتهم وشهاداتهم .أما السيدة كيمبرلي بورست ، قاضية في المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي، فتناولت في حديثها أمام مجموعة العمل الأولى اختصاص المحكمة والقضايا التي تفصل فيها، ودعت الدول لا سيما في منطقة الشرق الأوسط إلى الانضمام إليها كونها تشتمل على نظام متكامل على حد قولها يحفز ويشجع على الانضمام اليها. واعتبرت المحكمة بمثابة مرجع أخير يتعين أن تلجأ اليه الدول عندما يفشل قضاؤها في معالجة الجرائم وتحقيق العدالة.من جهتها تناولت الدكتورة جويدا سياشي نائب رئيس مجموعة دعم الروهينجيا في نيويورك، وسائل وطرق تأمين الوصول إلى العدالة، وسلطت الضوء على مأساة وأزمة اللاجئين الروهينجيا، وكيف أن المجموعة التي أسستها تعمل على جميع البيانات والمعلومات التي تتعلق بهذه القضية لوضع أزمتهم في جوهر العملية القضائية بغرض انصافهم وتحقيق العدالة لهم.ونوه بعض المتداخلين بأهمية الانضمام إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية كما فعلت قطر مؤخرا، مشيرين إلى أن نظام روما الذي بموجبه تم انشاء محكمة الجنايات الدولية يشوبه نقص، فضلا عن قصور ولاية المحكمة ذاتها وعدم اختصاصها بقضايا مهمة ومنها الإرهاب والحرب، واستثنائها النظر في حالات انتهاكات جسيمة حدثت مثلا في افغانستان ، ما يشير إلى أنها آلية غير شاملة.ونبه آخرون إلى بطء إجراءات المحكمة الجنائية الدولية وازدواجية معاييرها حسب رأيهم، واستشهدوا في ذلك بعدم قبولها حتى الان النظر في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا أو الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي وحكوماته بحق الشعب الفلسطيني رغم أن هذه الجرائم تقع ضمن نظام روما باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وتنتهك حقوق الانسان.وفي مداخلته نبه السيد عبدالله طاهر نائب رئيس جمعية المحامين القطريين إلى أن معظم إن لم يكن جميع المعاهدات والاتفاقيات التي توقعها الدول فيما يعنى بحقوق الانسان لم تقم بتطبيقها وتنفيذها، معتبرا ذلك تعديا صارخا على هذه المواثيق، وهو ما لا يسهم في تحقيق العدالة في ظل هذا الخرق وعدم الالتزام.وطالب بتفعيل المحكمة الجنائية الدولية وآلية عملها وان تتاح للأفراد فرصة التقاضي لديها مضيفا القول “إذا اردنا العدالة فعلينا أن نعتمد المساءلة”.وتطرقت مجموعة العمل الثانية التي ترأستها السيدة كاترين سميث المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمسؤولية الحماية ، إلى المبادئ الأساسية والتوجيهية لجبر الضرر، وأهمية تقييم التعويض.وتحدث ألدان إيليس، أحد الخبراء القانونيين المشاركين، عن أنواع جبر الضرر وأهمية تقييم التعويض مع ضمان عدم تكرار الجرائم والانتهاكات ، مشيراً إلى أن الإساءات الدولية يكون الجبر الأساسي فيها هو الإنصاف.ونوه إلى أن المحاكم الدولية تطلب استنفاد جميع الوسائل المحلية قبل اللجوء إلى المحاكم الدولية، مؤكداً أن جبر الضرر يتطلب إشراك الضحايا في المفاوضات بين الدول أو أطراف النزاع، متناولا التحديات التي تواجه جبر الضرر، وأشكال جبر الضرر، موضحاً أن من بين جبر الضرر معاقبة المسؤولين عن الجرائم، وتقديم الجبر بشكل علني، وتكريم ذكرى الضحايا بوجود مسؤولين كبار، وتوفير برامج إسكان، وتأهيل وتوفير علاج نفسي لمن تأثر بالجرائم.وثمن إيليس تعيين مقرر خاص بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان لشؤون جبر الضرر والإنصاف، مطالباً بتعزيز صلاحياته وألا يكون مجرد شخص يجمع البيانات.كما تحدثت السيدة هايدي ديجكستال المحامية المتخصصة في القانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان عن جرائم الإرث الثقافي والجبر على مستوى المحكمة الجنائية الدولية، والإجراءات الفعالة في هذا الخصوص.وأشارت إلى أن هناك قائمة طويلة جداً من الإرث الذي تم تدميره كالمساجد الأثرية في ليبيا والعراق والمعابد البوذية في أفغانستان، وقالت إنها انتهاكات ليست ضد المباني بل هي ضد البشر، حيث تنتهك الثقافة البشرية ويهاجم التاريخ والإرث وما سنعطيه للأجيال المستقبلية.واقترحت ديجكستال تطوير المسؤولية الجنائية لدمار الإرث الثقافي، وإقامة آلية قائمة على مقاربة حقوق الانسان، ومقاربة المحاكم في التعويض، مشيرة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أشارت الى الرابط الأساسي بين دمار الإرث وانتهاك حقوق الأفراد.أما مجموعة العمل الثالثة فركزت على أهمية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالانتهاكات وآليات التعويض، وذلك من خلال تسليط الضوء على عدد من المبادئ الأساسية التوجيهية ذات الصلة.وتحدثت في بداية الجلسة السيدة أمل نصار، الممثل الدائم لدى المحكمة الجنائية الدولية، للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في باريس، مبينة سبل الانصاف التي يمكن الوصول إليها عن طريق المحكمة الجنائية.وأشارت إلى وجود الكثير من الإحباط بخصوص الأطر القانونية للانتهاكات، حينما يتعلق الأمر بالمؤسسات المعنية بتطبيق القانون في بعض الدول، لكنها لفتت إلى أن المهم هو أن يكون هناك إقرار بضرورة تحقيق العدالة.وأشاد السيد ميشيل فيوي نائب رئيس المعهد الدولي للقانون الإنساني وسفير منظمة “فرسان مالطة” لمراقبة ومكافحة الاتجار بالأشخاص ومقرها جنيف بالتنظيم الرائع للمؤتمر والجهود التي بذلتها قطر لاستضافته وتحقيق أهدافه، مؤكدا أن الوصول الى المعلومات المتعلقة بالانتهاكات التي يتعرض لها الضحايا، يعد من العناصر الهامة على صعيد الانتصاف لهم، مبينا أن العدالة تحتاج الى ما هو أكثر من مسألة جبر الاضرار.وشهدت جلسات مجموعات العمل الثلاث مناقشات ومداخلات مستفيضة وتبادلا للآراء ووجهات النظر حول القضايا التي تطرقت إليها، من حيث مسؤولية من يرتكب الجريمة، وما اذا كان هو الشخص المباشر الذي نفذها أو رئيسه والمسؤول عنه الذي أمره بذلك، علاوة على تناول اختصاصات محكمة الجنايات الدولية والتأكيد على ان الانضمام اليها لا يعني تجاهل القضايا الوطنية، كما أن الانضمام للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يلغي القوانين والمواثيق الأخرى المتعلقة بصيانة وكفالة حقوق الانسان.وشمل النقاش المعمق أيضا مسألة تبادل المتهمين والمجرمين بين الدول والمساءلة المتبادلة في هذا الصدد وضرورة استحداث آليات وطنية وإقليمية ودولية مبتكرة للتحقق وانصاف الضحايا وتأمين العدالة بما فيها العدالة الوقائية وكيفية الوصول إليها في مراحل التقاضي الابتدائية وموضوع المصالحة، مع استعراض تجارب بعض الدول في هذه المجالات والدروس والتجارب المستفادة ودور محكمة الجنايات الدولية رغم ما يقال عنها في تكريس الملاحقة والمساءلة في ظل الجدلية القائمة “قانون القوة وقوة القانون”.

المحامي

تاريخ النشر: 2019-04-15 20:54:07

الناشر/الكاتب:

العرب القطرية – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية