لبنان: ابو العبد الطرابلسي!

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

كتب المحامي وهيب ططر: أين نحن من تطبيق قانون “حماية الاحداث المخالفين للقانون او المعرضين للخطر”؟
 
بعد ظهر اليوم الذي أصبح فيه لبنان “دولة نفطيّة” صنديدة، وبعـد أن عـاد الرؤساء من رحلة باخرة الحفر والنفر الى قلاعهم وقصورهم سالمين ، وإبـّان استخراج الغاز من قعر بحرنـا الملوّث ، وقبيل تغويزه في محطـات التغويز الثلاثة المزمع انشاؤها في لبنـان ، عـاد ابني من المدرسة و كان حزينا، وفي عينية شيء يرغب البوح به لي؛  سألته فلم يجب، أصرّيت فبكى وقال لي ، وفي حلقه غصـّة : أحد أصدقائي في الصف سرق من محفظتي ” خرجيّتي” !
 
سكتّ ، فكّرت ، وقلت في نفسي انها احدى بشائر الغيث، فإبني في مدرسة “مرموقة”، وليس من المفترض أن تبدأ هذه الظواهر المتوقّعة فيها !
 
حزنت لحزن ابني البالغ من العمر 10 سنوات ونيّف ، فشعوره أعرفه و الجميع يعرفه عندما تعرّضنا للسرقة، في مسيرة حياتنا !
 
طبطبت على ظهره وقلت له ، لا تهتم المهم أن صحتك بخير، ومن الان وصاعدا عليك أن تحذر وان تنتبه لأغراضك، وأعطيته مالا آخر اضافة الى المال الذي استدانه من صديقه “جـاد ” ليشتري به وجبة غذائه ، لأن السارق لم يترك له شيء …
 
في نفس النهار ورد خبر الاعتداء على القاصر الملقب بـ “أبو العبد الطرابلسي” وتم تداول صورته في المستشفى على جميع وسائل التواصل … فتخيّلت أنه ابني ، أو حتى أنه ابن الجيران …
 
تقاطعت المعلومات بين صحة هذا الخبر وبين دخوله ضمن عداد مئات الآلاف من الأخبار الكاذبة التي تصول وتجول على التواصل الاجتماعي. بغض النظر عن صحّة هذا الخبر وتفاصيله ، فالصبي تعرّض فعلا للاعتداء وللاستغلال وهي لست المرة الأولى التي يتم استغلال هذا الولد بالذات …
 
ظاهرة هذا الولد منذ بدء الثورة كانت محلّ استغراب وإستهجان من قبل الكثيرين وانا منهم. اذ لا يجوز ومن غير المقبول أن يبقى قاصرا، شاردا على طرقات لبنان ليل نهار، يتعرض للاستغلال من قبل المندسين في الثورة أولا، ومن وسائل الاعلام، وأجهزة المخابرات على جميع أشكالها وطعماتها ومن المجتمع برمّته !
 
اين هي محكمة الأحداث والنيابات العامة و الجمعيات “الفاخرة” ذات التسميّات الموسيقية ، حماية وكفاية ورعاية وعناية … كلها “على القافية”، تزعم أنها تعنى بالعنف الذي يمارس على القصّار ؟ أين هي قافيتها من هذا القاصر بالذات ؟؟  أو لا يجب أن يوضع هذا الولد في ملجأ يؤمن له السلامة والاستقرار النفسي ؟ هل سألت “السيدة غادة الموقرة”، اين ينام “ابو العبد” و بجوار من؟ هل يتابع دراسة ما بحدودها الدنيا ؟؟ مع الإشارة إلى أن هذا الولد هو أمّي ! كيف يسمح له أن يشارك في قطع الطرقات والأعمال العنفية المرافقة لها ، التي تشكل خطرا محدق بسلامته وحياته ! و مئات من الأسئلة الأخرى كلها في ذمة محكمة الأحداث في لبنان الشمالي .
 
 
نختم باعتبار هذا النص بمثابة اخبار موجّه إلى السلطات القضائية المختصة وإلى من يهمه الأمر، طالبين إجراء ما يلي :
 
١.  فتح تحقيق فوري في  ظاهرة القاصر الملقب بـ “أبو العبد الطرابلسي” ، ومحاكمة كل جهة او اشخاص قاموا بخرق نص قانون “حماية الاحداث المخالفين للقانون او المعرضين للخطر” رقم 422 الصادر بتاريخ 6 حزيران 2002 ، حيث نصت المادة  المادة 48 منه على ما يلي :
 
يحظّر نشر صورة الحدث،  ونشر وقائع التحقيق والمحاكمة او ملخصها في الكتب والصحف والسينما، واية وسيلة إعلامية أخرى. ويمكن نشر الحكم النهائي . كل مخالفة لهذه الاحكام تعرّض المخالف لعقوبة السجن من ثلاثة اشهر الى سنة وللغرامة من مليون الى خمسة ملايين ليرة او لإحدى هاتين العقوبتين.
 
٢.  منع وسائل الإعلام 《فورا》من نشر و استغلال صورة هذا الولد خصوصا و كل حدث و قاصر عموما، ومحاسبة كل وسيلة اعلام تقوم بمخالفة أحكام قانون “حماية الاحداث المخالفين للقانون او المعرضين للخطر”؛
 
3. إصدار  قرار معجل التنفيذ بإيداع هذا الولد في مأوى احترازي حيث يجري تأمين الرعاية اللازمة له، وذلك انفاذا لنص المادة التاسعة من القانون رقم 422 / 2002  التالي :
 
تدبير الحماية هو تسليم الحدث الى والديه او احدهما او الى وصيه الشرعي او الى اسرته شرط ان تتوافر في المسلّم اليه الضمانة الأخلاقية والمقدرة على تربيته تحت إشراف المندوب الاجتماعي المكلف بالأمر. وعند عدم وجود اي من هؤلاء الأشخاص في لبنان او عدم توافر الشروط السابق ذكرها يمكن تسليم الحدث الى أسرة موثوق بها او الى مؤسسة اجتماعية او صحية معتمدة من الوزارات المختصة او الى غيرها إذا كانت لا تتوافر في المؤسسات المعتمدة الاختصاصات المطلوبة.
 
اضافة الى أن  نص المادة الثامنة عشر من ذات القانون رقم 422 / 2002  قد نصت على ما يلي  :
 
لقاضي الأحداث ان يفرض على الحدث مهما كان نوع الجرم الذي إرتكبه تدابير احترازية وهي الحجز في مأوى احترازي او مؤسسة متخصصة او منع ارتياد بعض المحلات ومنع الإقامة والإخراج من البلاد إذا كان الحدث غير لبناني، ومنع السفر ومنع مزاولة عمل ما ومنع حمل السلاح والآلات الحادة والمصادرة العينية ومنع قيادة الآليات والمركبات. له ان يقرر تمديد هذه التدابير الى سن الواحدة والعشرين إذا كانت ظروف الحدث توجب ذلك.
 
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله وأستعيذه ، بشأن هذا الولد الذي أصبح بخطر محدق، مع علمي بأن ثمة مئات وآلاف الحالات المثيلة، تنتشر على امتداد الجمهورية القوية، بدءا من بلدة عرسال وسلسة الجبال الشرقية وصولا الى طرابلس و صيدا و صور والمدن القابعة على شاطئ بحر التنقيب عن جرعات غاز وهميّة تتنفسها حفنة من المستزعمين، عبر أنبوب أنزلوه لنفسهم من كوكب المرّيخ حيث يعيشوا أحلام يقظتهم بعيد عن واقع أطفال ونساء ورجال و شيوخ انقطعت عنهم ادنى مقومات الحياة. 
 



تاريخ النشر: 2020-02-28 14:10:40

الناشر/الكاتب:

لبنان ٢٤ – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية