لبنان: جمعيات لبنانية تدّعي على باسيل وأسود وماروني

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

تقدّم المحامون ديالا شحادة وجاد طعمة ومحمود الحافي بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت، اتخذوا فيها صفة الادعاء الشخصي بوكالتهم عن سبع جمعيات لبنانية، ضد كلّ من وزير الخارجية جبران باسيل، النائب زياد أسود والنائب السابق ايلي ماروني، رئيس بلدية الحدث جورج عون ، الناشطين السياسيين ناجي حايك ورشيد جنبلاط  و”المنشد” علي بركات، ينسبون إليهم ارتكاب جرم إثارة نعرات طائفية وأهلية.

أشار المدعون في بداية شكواهم الى تغريدة الوزير باسيل على “تويتر” التي قال فيها” لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ… وعلى رفض النزوح واللجوء معاً من جهة أخرى”. فاعتبروا أنّ هذه الخطابات تشكّل جرماً موصوفاً يعاقب عليه قانون العقوبات اللبناني كونها تمسّ بمفهوم “العيش المشترك” الدستوري وبالسلم الأهلي وتعكر للصفاء بين المجتمعات وتشوّه لسمعة لبنان والتزاماته القانونية على الخارطة الدولية.
وأضافت الشكوى :”إنّ أكثر ما أساء للجمعيات المدعية (“التوعية النسائية”،”كفالات الخير”،”مانشيت”،”المحور اللبناني في سبيل مواطنة جامعة”،”معمل 961″ و”جمعية النخيل للخير والإنماء”) في الشكوى الحاضرة، هو تنامي الجسور للخطاب التمييزي الطائفي الداعي إلى منع بيع وتأجير العقارات المبنية وغير المبنية للبنانيين من أبناء الطائفة المسلمة في مناطق ذات غالبية/كثافة سكانية من الطائفة المسيحية. وبرغم أن هذا الخطاب المثير للنعرات الطائفية ليس بجديدٍ للأسف، إلا أنه تبلور ليقفز من القول إلى الفعل بشكلٍ لم يعد أصحابه يستحون به، بل بزعم “خدمة العيش المشترك”، في محاولةٍ غير معقولة لإعادة تعريف هذا المفهوم رغماً عن أنف الدستور. هذا الدستور الذي كرّس في الفقرة “و” من مقدمته حرية الحقوق الاقتصادية للمواطن: “النظام الاقتصادي حرّ يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة”، وفي الفقرة “ط” حقّه التنقل بحرية ضمن أرضِ وطنه: “أرض لبنان لكل اللبنانيين. فلكلّ لبناني الحق في الإقامة على أيّ جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، إلا أن بعض المسؤولين الرسميين، وفي طليعتهم المدعى عليه الثاني السيد جورج عون، رئيس بلدية الحدث المُنتخَب، راحوا يتعسّفون في استخدام سلطاتهم تطبيقاً للخطاب التمييزي الطائفي هذا، وبثقة عجيبة الشدّة. إذ جاهر عون، في شهر حزيران 2019 الماضي، على خلفية قيام المواطن محمد عواد بإثارة قضية رفض تأجيره شقة في الحدث لعلّة معتقده الديني، بقوله إن هذا القرار “يعود إلى شهر أيار من العام 2010… ونحن لا نخجل به كبلدية بل نفتخر به ومستمرّون به… 
الأسوأ من ذلك، ووفقاً للشكوى “أن نائباً منتخباً في مجلسنا العتيد سارع إلى تأييد موقف رئيس البلدية وتحريضه على التمرّد على أي قرارٍ هرمي قد يصدر عن وزيرة الداخلية ضد هذا الإجراء، وهو النائب زياد أسود، الذي كتب في تغريدة نشرها على حسابه على “تويتر” بتاريخ 20/6/2019: “من يعتقد أن بإمكانه فرض أي أمر على رئيس بلدية منتخب هو واهم. لا سلطة لوزارة الداخلية عليه ولا لأي موظف في المحافظة، وكل ما عليكم فعله هو التمني والقرار يعود له فقط”.
وتطرق الشاكون الى خطاب النائب ايلي ماروني منتقدين التسامح الرسمي والقضائي المزمنين مع خطابه حين قال خلال مؤتمر عقدته “حركة الأرض اللبنانية” بتاريخ 9/1/2017 في مطرانية سيدة النجاة في زحلة: “مثلما الداء يحتاج إلى دواء، البائع المسيحي يحتاج إلى شارٍ مسيحي”، مقترحاً “إنشاء البنك المسيحي العقاري أو الشركة العقارية المسيحية ومهمتها شراء العقارات من البائع المسيحي إذا لم يكن هناك شارٍ مسيحي، والبنك أو الشركة تستثمر – تبيع متى وُجد الشاري [المسيحي]”؛
أما ناجي حايك، الناشط السياسي في حزب “التيار الوطني الحرّ”، فقد نشر على حسابه على موقع “فايسبوك” ، تصريحاً شائناً يحتفي ويتشفّى ويكيد ويذمّ بلبنانيين قُتلوا خلال الحرب الأهلية: “بعد 10 أيام سوف نتذكر نحن وأنت القرود الذين أرسلتهم إلى سوق الغرب في 13 آب 1989، وقد أعادهم ميشال عون لعندك بأكياس الجنفيص”. وقد وجّه حايك تصريحه هذا إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السّابق وليد جنبلاط، على خلفية زلّة لسان الرئيس عون في خطاب ألقاه خلال تخريج ضباط في عيد الجيش الثالث والسبعين، حين قال “فلتُسمَّ دورتكم دورة فجر القرود” بدلاً من أن يقول “فجر الجرود” (تيمّناً بالمعركة التي خاضها الجيش ضد مجموعات إرهابية في البقاع صيفَ 2017). وكان جنبلاط علّق على زلّة لسان الرئيس بتغريدة نشرها على حسابه على موقع “تويتر” الإلكتروني، وكتب فيها: “أعتقد أن العماد عون أسيئ فهمه عندما خرج بتلك التسمية لدورة الجرود. فهو استوحى من خطابي في ساحة الحرية عام ٢٠٠٦ وقصد أن الجيش اللبناني يملك رجال تقتحم الجرود وتقتل وتهزم قرود داعش وبشار [الأسد]”؛
وتابعت الشكوى أنّه من المحزن أننا لم نرَ القضاء اللبناني يتحرك حيال خطاباتٍ مثيرة للنزاعات كهذه سوى عندما مسّت بأشخاص السلطة الحاكمة، وذلك حين تم توقيف المدعى عليه رشيد جنبلاط في شهر أيار الماضي على خلفية تصريحاتٍ أطلقها في تسجيلٍ مرئي ومسموع نشره بتاريخ 25/3/2019 على حسابه على موقع “فايسبوك” الإلكتروني، وذمّ فيه بإسهاب وزيراً في الحكومة هو للمفارقة جبران باسيل ، مستحضراً تاريخ الجبل ونزاعاته. علماً أن السيد رشيد جنبلاط كان سبق ونشر على حسابه الإلكتروني عينه بتاريخ 20/7/2018 تصريحاً كتب فيه: “بالنسبة إليّ جبران باسيل هوي شارون، وميشال عون هو بن غوريون، يعني أعدائي، وكل صديق لعدوي هو عدوي. ولو كنتُ رجل دين مسلم، كنت أفتيتُ بقتلهما”، في تحريضٍ مباشر لطائفةٍ دينية بأكملها ضد مكوّن من طائفةٍ أخرى يمثّل ركناً مهماً من عناصر الأمة. فلماذا يتحرك القضاء لجهة جرم يمسّ بشخصٍ نافذ في السلطة، ولا يتحرّك لجهة جرم إثارة النعرات الطائفية الذي يمسّ بأشخاص الأمة ككلّ؟ واعتبر المدعون أنّ هذا التسامح القضائي بالذات هو ما سمح بانفلات الخطابات مبادرةً ورداً ككرة الثلج، ما يهدّد بخطرٍ أكبر على السلم الأهلي ومفهوم “العيش المشترك”؛وفي ما يتعلّق بالإدعاء على المنشد علي بركات فتضمنت الشكوى أنّه و”في استهانة بالغة بمشاعر ضحايا جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، عمد المدعى عليه  “المُنشد” علي بركات كما يسمّي نفسه على صفحته الرسمية على موقع “تويتر” الإلكتروني، إلى نشر تغريدة كتب فيها: “ما رأيك بتسمية مسجد محمد الأمين المدفون فيه رفيق الحريري بمسجد مصطفى بدر الدين أحد المتهمين قضائياً باغتياله؟ هل تؤيد؟”. وقد ادّعت النيابة العامة الاستئنافية في النبطية، بتاريخ 11/2/2019، على بركات بجرم “إثارة النعرات الطائفية” سنداً الى المادة /317/ من قانون العقوبات، بناء على الإخبار المقدّم ضده من المحامين محمد زياد جعفيل وعمر الكوش وفادي سعد. وبحسب موقع “الوكالة الوطنية للإعلام”، أُحيلَ الادّعاء الى القاضي المنفرد الجزائي في النبطية حسين الحسيني الذي حدّد الجلسة الأولى للمحاكمة بتاريخ 8/7/2019؛ وأشارت الشكوى الى مسألة الخطاب التمييزي المثير للنعرات ضد المجتمعات السورية والفلسطينية ولفتت الى أنه لا يوجد أي دليل قط على رغبة المجتمعات الفلسطينية والسورية بتكريس وجودها (القسري،) في لبنان. وخلصت الى طلب استدعاء المدعى عليهم السبعة وفقاً للأصول القانونية المتبعة، وذلك للتحقيق معهم في الجرائم المنسوبة إليهم والمجرّمة وطنياً ودولياً، متخذةً صفة الادعاء الشخصي بحقهم وبحق كل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً بجرم المادة /317/ من قانون العقوبات اللبناني، وإحالتهم إلى القضاء المختص تمهيداً لمحاكمتهم، ولردعهم عن تكرار أفعالهم الجرمية بحق مكونات و”عناصر الأمة” والمجتمعات التي تشترك في العيش في لبنان، مع استعداد الجهة المدعية للرجوع عن الشكوى الحالية فيما لو أظهر هؤلاء ندماً على الخطابات والأفعال التي أقدموا عليها، وتقدّموا باعتذار رسميٍّ عنها للجمعيات المدعية، وللشعب اللبناني ومكونات الأمة جميعاً .
يشار غلى ان الشكوى باتت في عهدة النائب العام التمييزي بالانابة القاضي عماد قبلانالذي تعود اليه صلاحية تقدير جدية الوقائع الواردة فيها تمهيدا لاحالتها الى قلم النيابة اما لتسجيلها او لردها.
 



تاريخ النشر: 2019-08-22 12:46:37

الناشر/الكاتب:

لبنان ٢٤ – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية