إلزام الشريك اعتماد الميزانية في شركات المسؤولية المحدودة

نظام الارشفة الالكترونية

قضت إحدى الدوائر التجارية بالمحكمة الكلية مؤخراً بإلزام الشريك الكويتي الذي يملك %51 من رأسمال الشركة بالتوقيع على الميزانيات السنوية، في دعوى رفعها الشريك الآخر الذي يملك %49 من رأس المال.
وقد أثار هذا الحكم جدلاً قانونياً حول مدى التزام الشريك في الشركات ذات المسؤولية المحدودة بالتوقيع على الميزانيات السنوية للشركة، ومدى إمكانية إجباره على هذا التوقيع بموجب حكم قضائي.
ومن المعلوم أن صدور الميزانيات السنوية للشركات أمر في غاية الأهمية، ليس بالنسبة للشركة والشركاء فقط، بل بالنسبة إلى المتعاملين مع هذه الشركة، وكذا بالنسبة إلى عملية التقييم الفعلي للشركة وقيمتها السوقية وحجم أعمالها، ومدى قدرتها على المنافسة والوفاء بالتزاماتها. بل الأهم من ذلك أن وزارة التجارة والصناعة تشترط التزام الشركة بإصدار ميزانياتها السنوية في نهاية كل سنة مالية كشرط لسريان التراخيص وتجديدها .
لذلك من الأهمية بمكان بحث مدى التزام الشريك بالتوقيع على الميزانية السنوية، وهل يجوز إجبار الشريك التوقيع على الميزانية بموجب حكم قضائي.
ونبادر بالتأكيد على أحقية الشريك في الامتناع عن التوقيع على الميزانية السنوية للشركة وعدم اعتمادها بشرط وجود مبررات جادة لدى هذا الشريك، منها صورية البيانات المالية المدرجة في الميزانية وعدم انطباقها مع الواقع الفعلي للشركة، حيث تكون الميزانية في هذه الحالة مضللة.. وهنا يتعين مساءلة مدير الشركة ومدقق الحسابات وكل من ساهم في إعداد الميزانية. وكذلك في حالة مخالفة مدير الشركة لقرارات الجمعية العمومية، أو منع الشركاء من الاطلاع على حسابات الشركة ودفاترها، أو مخالفة أغراضها.. إلخ. ويتعين على الشريك الرافض لميزانية الشركة أن يخطر وزارة التجارة والصناعة بالتجاوزات القائمة بالشركة بعد تنبيه مديرها إلى تلك التجاوزات ومنحه مهلة محددة لتلافيها. وعلى الجهة الإدارية أن تحقق في المخالفات المنسوبة للشركة بشفافية وتتخذ قرارها في ضوء النتائج التي تسفر عنها التحقيقات.
وفي حالة عرض النزاع على المحكمة يتعين عليها أن تبحث مدى جدية المخالفات والتجاوزات المنسوبة إلى إدارة الشركة، ومدى صحة البيانات المالية المدرجة بالميزانية. ويمكن للمحكمة إحالة الدعوى إلى خبير متخصص لتدقيق الأرقام والبيانات الواردة بالميزانية قبل إصدار حكمها.
إلا أن الأهم من ذلك هو النظر في آلية إجبار الشريك على اعتماد الميزانية حتى لو صدر حكماً قضائياً بذلك! لا سيما أنه من المعلوم عدم إمكانية الإكراه البدني في هذه الحالة.
ونرى أنه لا يجوز إكراه الشريك على اعتماد الميزانيات طالما كانت المبررات لديه قائمة وجادة على ما أسلفنا.. أما في حالة انتفاء تلك المبررات وصدور حكم بإلزام الشريك باعتماد الميزانية، فإنه يمكن تنفيذه من خلال فرض غرامة تهديدية على الشريك، أو حلول الجهة الإدارية محله في التوقيع على الميزانية واعتمادها من قبل الإدارة المختصة داخل وزارة التجارة والصناعة.

المحامي عبدالرزاق عبدالله
E-mail: [email protected]

المصدر من القبس

نظام الارشفة الالكترونية