الحريات العامة.. أولوية نيابية

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

أعلن النائب عمر الطبطبائي الأسبوع الماضي أنه سيتقدم بطلب عقد جلسة خاصة لمناقشة الاقتراحات بقوانين التي تعالج التشريعات المقيدة للحريات عبر إلغاء عقوبة السجن بحق أصحاب الرأي.
إن إعادة النظر في التشريعات المكبلة للحريات العامة في الكويت أصبحت -من وجهة نظري- أولوية قصوى، لا سيما مع تراكم الأحكام القضائية على المحكومين في قضايا متعلّقة بالمحتوى المنشور في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، حتى بلغت مدة أحكام الحبس بحق أحد المواطنين أكثر من 70 عاماً.
لا أعتقد بأن أحداً سيعترض على مبادئ الحرية والتعبير عن الرأي لكونهما حجر أساس لدستور بلادنا القائم على الديموقراطية، إلا أن التوجه الذي قرر الطبطبائي اتباعه في تحديد بعض القوانين دون الأخرى هو أمر مقلق، فالأمر يجب ألا يكون ردة فعل لأحكام السجن التي طالت عدداً من المغردين بسبب أقوال نشروها في وسائل التواصل الاجتماعي فقط فهو متعلّق بالنهج في المقام الأول.
ولعل ما نشرته جريدة الجريدة في 28 فبراير الماضي بشأن قيام الحكومة بإحالة تعديلات على قانون أمن الدولة عبر التشديد في جرائم أمن الدولة والتدخل مباشرة في اختصاصات القضاء في تخفيف العقوبات أو وقف التنفيذ أو الامتناع عن الحكم خير دليل.
شخصياً، أعتقد أن قوانين الجزاء وتقنية المعلومات وكذلك قانون التعاملات الإلكترونية والمرئي والمسموع وقانون المطبوعات بحاجة إلى تعديل جذري، بحيث يتم تحديد تعريف شامل جامع لحرية التعبير بشكل واضح، وإلغاء عقوبة الجناية عن هذه النوعية من الجرائم، بحيث تصبح جنحة أو مخالفة مع تحديد التدرج في تحديد العقوبات.
في المقابل، مثلما نريد التوسع في الحريات العامة التي باتت تتقلص يوماً بعد يوم، فمن الواجب علينا أيضاً أن نحفظ حق الآخرين في التقاضي، لكونه متصلاً بحق الرأي من حيث الاختصام لدى القضاء، وهو المبدأ الذي أكد عليه الدستور في المادة 166 بأن «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق».
إن مسألة الحريات العامة أعمق مما يطرح حالياً في الساحة، فالمسألة تحتاج إلى بحث ودراسة متأنية يشارك فيها جميع أطياف المجتمع، ولا أعتقد أن تفرد أعضاء مجلس الأمة من دون مشاركة فعالة من المجتمع المدني والجسم الإعلامي هو الحل، وأجد الاستعجال في طرح هذا الأمر من دون الرجوع إلى أهل الاختصاص سيزيد الأمر تعقيداً.
في الختام: علينا الاعتراف بأن نسبة كبيرة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يجهلون التفريق بين الانتقاد والإساءة إلى الأشخاص وكراماتهم والمسّ بسمعتهم، وتثبت إحصائية لوزارة العدل نشرتها القبس في يناير الماضي أن %32 من المجتمع يجهلون العقوبات المترتبة على الجرائم الإلكترونية، وهنا يأتي دور السلطتين في التوعية لخطورة هذه الجرائم، والتأكيد أنه ليس بالضرورة أن كل ما يقال ويُتداول في الديوانيات أن يكون صالحاً للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي.

طارق عبدالله العيدان

[email protected]
taleidan@



المصدر.. القبس

نظام الارشفة الالكترونية