الكويت : جريدة الجريدة الكويتية | التحكيم كوسيلة بديلة لفض المنازعات

فندق

إن الأصل والأساس في فض المنازعات يكون من خلال قضاء الدولة الذي يفض هذه المنازعات ويحسمها، ويعتبر القضاء هو أحد أهم مرافق الدولة الذي يلبي حاجة الأفراد من خلال حسم المنازعات بينهم، مما يؤدي إلى استقرار الأوضاع القانونية في المجتمع، إلا أن التحكيم له دور مهم بالفصل في المنازعات وحسمها.

ويعد التحكيم أحد أهم الوسائل البديلة لفض المنازعات كالتوفيق والوساطة والتفاوض، ويعد بديلاً عن القضاء في فض المنازعات وهو لا يقل أهمية عن القضاء، حيث إن التحكيم يتسم بالسرعة والجودة في حسم المنازعات، والسرعة في حسم النزاع أمر مهم لاسيما في الدعاوى التجارية؛ لأن عامل الزمن أمر مهم وجوهري في المعاملات والعقود التجارية، فسرعة حسم المنازعات التجارية – بما لا يخل بجودة الأحكام- تؤدي للعدالة التي قد تكون منقوصة في حال تم اللجوء إلى القضاء العادي، فلا يخفى على أحد بطء إجراءات التقاضي أمام المحاكم، بدءاً بالإعلان ومروراً بعقد الجلسات وتأجيلها – في حال تم التأجيل- انتهاء بإصدار الحكم، فقد تستغرق إجراءات التقاضي العديد من السنوات، وهذه المدة الطويلة بالنسبة للمعاملات والعقود التجارية ستؤدي إلى خسارة فادحة حتى لمن صدر لمصلحته الحكم وهذا ما ينافي العدالة، وكما قيل إن «العدالة البطيئة هي عدالة غائبة وظلم محقق».

فالتحكيم هو أن يختار المحتكمون هيئة تحكيمية ليتم عرض النزاع عليهم وتفصل الأخيرة في النزاع المعروض أمامها، وأهم ما يميز التحكيم هو أن اللجوء لهذه الوسيلة غالباً ما يكون اختيارياً فهي تتطلب اتفاقاً بين الطرفين کي تكون هناك سلطة وصلاحية لهيئة التحكيم للنظر في النزاع والحكم فيه على عكس القضاء، فالأصل أن القضاء هو المختص بنظر المنازعات التي تنشأ بين الأفراد طالما كان هذا القضاء يختص بها وفق قواعد قانون المرافعات، أما اتفاق اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات فهي متروكة لأطراف العقد، فقد يتضمن العقد «شرط التحكيم» في حال نشوء أي نزاع متعلق بالعقد فهذه الطريقة تكون وقاية وتستبق أي نزاع قادم بين الأطراف، أما «مشارطة التحكيم» فهي اتفاق بين طرفي النزاع على عرض نزاعهما على هيئة تحكيمية تفصل في هذا النزاع، فالفرق بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم أن الأول يكون قبل نشوء أي نزاع ويدرج ضمن بنود العقد، أما الثاني فيكون بعد نشوء النزاع.

وتكون الهيئة التحكيمية التي ستفصل في النزاع المعروض أمامها مشكلة من عدد فردي من المحكمين، فلو كان عدد 3 محكمين فسيختار كل طرف محكماً على أن يختار هذان المحكمان ثالثاً لهما ليكون رئيساً لهيئة التحكيم.

التحكيم لم يكن وليد بروتوكول جنيف 1923 أو اتفاقية نيويورك 1958 بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الدولية وتنفيذها وإن كانت تلك الاتفاقيات أو غيرها عززت اللجوء إلى التحكيم في دولنا الحديثة، بل كان للتحكيم وجود ودور في الدول والمجتمعات منذ القدم كالإغريق والرومان والعرب قبل الإسلام، وأيضاً كان للتحكيم ذكر في مصادر الشريعة الإسلامية كوسيلة لحل المنازعات، ففي القرآن الكريم قال تعالى: «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً)، فكانت هذه الآية تشريعاً لنظام التحكيم كوسيلة لحل المنازعات في أعلى مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية، وفي السنة النبوية فقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «من حكم بين اثنين تراضيا به، فلم يعدل بينهما، فهو ملعون».

ولم تخل مجلة الأحكام العدلية من ذكر قواعد التحكيم، حيث نصت المادة (1790) منها على أن: «التحكيم هو عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكما برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما».

وأخيراً فإن التحكيم وسيلة لتفادي إجراءات القضاء المطولة ليحل هذه المعضلة ويفصل في المنازعات لاسيما في القضايا التجارية ويحسمها بالسرعة التي تحقق العدالة. وكما ذكرنا أن السرعة يجب ألا تؤثر على جودة الأحكام وعدالتها.

محمد فيصل مندني



تاريخ النشر: 2021-05-25 00:00:00

الناشر/الكاتب:

الجريدة | قصر العدل – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية