المغرب: هل يمكن للسلطة استعادة ثقة المواطنين بالعراق؟

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

هسبريس – أ.ف.ب

الاثنين 14 أكتوبر 2019 – 20:50

رغم عودة الهدوء إلى الشارع العراقي بعد تظاهرات عنيفة، تبقى أزمة الثقة بين المواطنين والسلطة في أوجها، ويرى خبراء أن غياب تنفيذ إصلاحات جذرية طالب بها المحتجون ينذر بخطر عودة الاستياء الشعبي بصورة أكبر. خلال ستة أيام من الاحتجاجات بدأت في الأول من أكتوبر، وشابتها أعمال عنف دامية، لقي أكثر من مائة عراقي حتفهم، غالبيتهم من المتظاهرين الذين سقطوا بالرصاص الحي. لكن محمد الكعبي، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل يبلغ من العمر 28 عاماً، يقول إنه لازال مستعداً للعودة إلى الشارع مرة أخرى، ويضيف: “تظاهرنا وسنتظاهر ضد الظروف التي نعيشها من فقر وبطالة وغياب القانون وسرقة أموال الشعب.. لقد طفح الكيل”..ولم تقنعه اجتماعات البرلمان ووعود الإصلاح التي أعلنتها الحكومة التي يريد إسقاطها، إذ قال: “أية إصلاحات؟ ولماذا أعلنوها بعدما سقط الشباب؟ ماذا كانوا ينتظرون؟ أين كانوا والناس جوعى؟”، ويخلص إلى أن “الشعب فقد الثقة منذ سنوات في هذه الحكومة، لأنهم يعدون باستمرار ومن دون فائدة”. ويقول النائب فالح الخزعلي، من تحالف “الفتح” الذي يضم قدامى قيادات الحشد الشعبي، لوكالة فرانس برس: “الحكومة الحالية لا تتحمل نتائج وأخطاء الحكومات السابقة. لكن تواصل التظاهرات مرهون بمصداقية هذه الحكومة والتزامها بوعودها التي قطعتها للشعب العراقي”. “رد فعل وليس فعلاً” في أول أيام الحركة الاحتجاجية، دان المتظاهرون حكامهم، متهمين إياهم بعدم توفير وظائف وخدمات، وبملء جيوبهم بأموال الفساد الذي كان سبب تبخّر أكثر من 410 مليارات دولار في 16 عاماً، حسب أرقام رسمية. ويشير خبراء إلى أن عدم وجود إصلاحات جذرية يطالب بها العراقيون بعد أربعة عقود من الحرب في بلد يحتل المرتبة 12 في لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم ليس إلا تأجيلاً للمشكلة. ويقول المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي: “الاستحقاقات المطلبية للجماهير تعد وقود هذه الأزمة. والفشل السياسي كان العامل الأساسي في خلق هذه التظاهرات المطلبية”، في بلد امتنع فيه جزء كبير من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة. وفي مواجهة الحراك الذي طالب بتغييرات جذرية، تأتي الإجراءات والتدابير التي اقترحتها الدولة المثقلة بالديون “كرد فعل، وليست فعلا؛ ورد الفعل دائما ما تكون متسرعة ومن دون تخطيط إستراتيجي”، حسب قوله. ويضيف الفيلي أن تلك القرارات “أتت لإطفاء لهيب الشارع العراقي”، وزاد: “الإصلاحات لن تتحقق بعصا سحرية. وإذا كان أسلوب التهدئة وتنفيذ الإصلاحات كالسابق فلا يمكن أن تطفأ نار المتظاهرين”. وهو ما يؤكده المحلل السياسي واثق الهاشمي، الذي يعتبر أن الأزمة ليست وليدة اليوم. “أكبر وأقوى” ويقول الهاشمي لفرانس برس: “هناك أزمة ثقة بين الشعب والحكومة، وأعني حكومات نوري المالكي وحيدر العبادي ثم عادل عبد المهدي التي وعدت جميعها بإصلاحات ولم ينفذ منها شيئا”. ويشير المتحدث إلى أنه إضافة إلى “عدم القدرة على تنفيذ المطالب”، هناك اليوم أيضاً “أزمة سياسية ومالية وولاءات خارجية” من أطراف اختارت أن توالي أحد المعسكرين المتعاديين والمتحالفين مع العراق؛ الولايات المتحدة وإيران. ولطالما شكل التوازن بين مصالح القوتين الكبيرتين الفاعلتين في العراق تحدياً كبيراً لهذا البلد المنكوب بالحروب والصراعات منذ نحو أربعين عاما. ويرى المحامي زين العابدين البديري (27 عاماً) الذي شارك في تظاهرات الكوت بجنوب البلاد أنه لكل الأسباب أعلاه فالتغيير الكامل هو المطلوب، ويقول: “أتمنى تغيير السياسيين والنظام السياسي والدستور”؛ ويعتبر أن توقف الحراك قبل تحقيق المطالب هو لأن المتظاهرين وجدوا أنفسهم في مواجهة “أحزاب لديها ميليشيات تعمل على إفشال التظاهرات”. وقالت السلطات إن الرصاص الحي الذي أودى بحياة المتظاهرين كان مصدره “قناصون مجهولون”. لكن بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان، القوات الأمنية هي المسؤولة، خصوصاً بعدما أعلنت المرجعية الشيعية الأعلى في البلاد أن “الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولة عن الدماء الغزيرة التي أريقت في مظاهرات الأيام الماضية”. رغم ذلك، يقول البديري: “فتح الشباب صدورهم للرصاص دون خوف”، مؤكداً أنه إذا لم تتحقق الإصلاحات الفعلية “سنريهم شيئاً أكبر وأقوى”.



تاريخ النشر: 2019-10-14 22:50:00

الناشر/الكاتب:

Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية