عُمان: جريدة الرؤية العمانية – (فك كربة) … أنموذج يقتدى به

ناصر بن سلطان العموري

تعرف الجمعيات المهنية بناءً على موقع وزارة التنمية الاجتماعية الإلكتروني “بأنها جمعيات تعنى برعاية مصالح أصحاب المهنة الواحدة وبالشؤون الفكرية والثقافية والأدبية وتضم أصحاب المهنة الواحدة كالمهندسين والأطباء والاجتماعيين والاقتصاديين والمحاسبين والمحامين وغيرهم من ذوي التخصص العلمي الواحد وتسعى للإسهام في خدمة المجتمع من خلال استثمار كفاءات وخبرات أعضائها، فضلاً عن السعي للارتقاء بمستواهم المهني والثقافي”. 

ومن الأمثلة المحلية الناجحة التي كانت وما زالت لها بصمة مميزة في الإسهام المجتمعي مبادرة (فك كربة) والتي تنفذها جمعية المحامين العمانية فهي تعتبر من المبادرات التي تقدم أنموذجا يقتدى به من حيث تأثير الجمعيات على المحيط الخارجي والاستفادة من خدماتها ليس لأعضائها فقط بل ولشريحة واسعة من المجتمع.

فمن من منِّا لم يسمع عن المُبادرة الرائدة على المستوى المحلي (فك كربة)؟! وحقيقة كنت من المُتابعين لهذه المبادرة وتطورها فمنذ انطلاق نسختها الأولى عام 2012، من قبل عدد محدود من المحامين آنذاك لم يتجاوز 10 محامين ساهموا في الإفراج عن 44 محبوساً على ذمة قضايا مالية مختلفة، استطاعت بعدها المبادرة أن تحقق قفزات هائلة في مشوارها وعلى مدى سنوات معدودة حتى توجت ذلك بحصولها على المركز الثاني في مُسابقة السلطان قابوس للعمل التطوعي عام 2015م، ولا استبعد أن تحرز المركز الأول مستقبلاً خاصة إذا واصلت نهجها المبدع والجديد في كل مرة.

كما شهدت المبادرة إقامة معارض توعوية في عدد من مناطق السلطنة لمواضيع قانونية شتى وهذا يدخل في الجانب التوعوي الذي تقوم به جمعية المحامين العمانية وهو في غاية الأهمية لاسيما إذا علمنا أنَّ الكثير من الأفراد يجهلون ما لهم وما عليهم قانونياً ومن الضرورة هنا الإلمام بالقانون فهو شيء أساسي يجب على الفرد معرفته خشية الوقوع في إحدى الهفوات القانونية بقصد أو دون قصد ومطبات الحياة كثيرة لا تعد ولا تحصى وياليت لو توسع دائرة مثل هذه المعارض مستقبلاً بأن تشمل محافظات لم تشملها من قبل حتى ولو كانت على مراحل وأن تكون هناك تغطية ثقافية قانونية أعم وأشمل على مواقع التواصل الاجتماعي ولو على شكل منشورات مصورة فهي مقبولة للمتصفح نوعاً ما.

والشكر الجزيل والدعاء العميم يوجه كذلك لأصحاب الأيادي البيضاء الذين لولاهم لما واصلت مبادرة (فك كربة) مشوارها بكل تميز فقد كان لهم الأثر الأكبر من خلال تبرعاتهم السخية حيث وصلت التبرعات هذا العام 2019 إلى (508) آلاف ريال أدت إلى الإفراج عن 673 محبوسا من 40 محكمة من أصل 44 محكمة متوزعة على مستوى محافظات السلطنة والشكر موصول كذلك لبعض شركات القطاع الخاص التي ساهمت في التبرع لهذه المبادرة، آملين أن نرى مشاركة أكبر ولشركات أكثر من قبل القطاع الخاص في هذه المبادرة النبيلة التي تنعكس بدورها على تقوية أواصر المجتمع.

جمعية المحامين العمانية تعطي درسًا وبالمجان لكافة الجمعيات الأخرى المتواجدة في السلطنة والتي تصل ميزانية بعضها لمبالغ فكلية بأن تفكر خارج الصندوق من خلال استخدام ما تملك من صلاحيات وكفاءات لخدمة شرائح المجتمع كافة ولا يجب أن تقتصر هذه الخدمات على أعضائها فقط ” فخير النَّاس أنفعهم للناس”.

مرة أخرى شكرا لكل محامٍ ومحامية وعلى وجه الخصوص من ساهموا في هذه المبادرة طيبة الأثر ولجمعية المحامين العمانية على وجه العموم على إدراكها لمسؤوليتها الاجتماعية والمجتمعية من خلال المساهمة بظهور مبادرة (فك كربة) لحيز الوجود وعسى أن تتسع المبادرة لتغطي قضايا أشمل ولتساهم في الإفراج عن محبوسين أكثر عددا في قادم السنوات ولأجل ما تقدمه هذه الجمعية من إسهامات في خدمة المجتمع ودورها الريادي فياحبذا أن تجد مطالبها القبول لدى الجهات المعنية وأهمها توفير مقر ثابت لها في مكان بارز يتناسب مع وضعها وما تُقدمه للمجتمع على غرار الجمعيات الأخرى خاصة إذا ما علمنا أن المقر الحالي لها مستأجر .

(فك كربة) مبادرة مجتمعية بامتياز لإنقاذ وإعانة من ساقتهم ظروف القدر للتعرض لدعاوى قضائية زجت بهم خلف القضبان تاركين وراءهم أسرا معسرة لا تقوى على مجابهة متطلبات الحياة ومن أجل هذا ظهرت مبادرة (فك كربة) لتحيي أملاً وتصنع سعادة وتوقظ نفساً.