لبنان: غزوة نسائية لجناحي العدالة: القضاء والمحاماة

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

في قصور عدل لبنان يدور صراع خفي حول “الجندرية” بعد غزوة نسائية لجناحي العدالة: القضاء والمحاماة. من يدخل هذه القصور أو الدوائر الملحقة سيلاحظ حتماً الحضور الأنثوي الطاغي في صفوف القضاة والمحامين، الى حد أن أحد القانونيين وصّف هذه الظاهرة بالقول” لقد وقع القضاء في قبضة النساء”، فهل هي ظاهرة صحية؟ محلية أم دولية؟ وهل يترافق التفوق العددي للنساء في باحات قصور العدل مع التفوق المهني؟
للإجابة على كل هذه الأسئلة لا بد من البدء بالأرقام الموثقة، فبحسب إحصاء مديرية الشؤون القضائية في وزارة العدل فإن عدد القضاة العاملين في الخدمة الفعلية للعام 2018 بلغ 503 قضاة، 249 منهم ذكور و254 أناث، ما يعني أن نسبة القاضيات في السلك تتخطى نسبة القضاة لتسجل ما يقارب 51% لصالح النساء.
قد تكون النسبة ضئيلة لا تستحق الإشارة اليها من حيث العدد، لكن لهذه المناصفة دلالات كبيرة تؤشر الى تقدم ملحوظ للمرأة اللبنانية في مجالات كانت في السابق حكراً على الرجال، خصوصاً اذا عرفنا أن هذا التصاعد التدريجي لعدد النساء القاضيات على أقواس المحاكم وفي العدليات بدأ فعلياً منذ العام 2009 أي منذ ما يقارب العشر سنوات، مع “هجمة لافتة” لدخول معهد الدروس القضائية من قبل الفتيات.
حضور المرأة اللبنانية في القضاء يعود للستينات من القرن الماضي وتحديداً الى العام 1969 مع دخول أول إمراة الى السلك القضائي وهي تتيانا غلام إبنة الأشرفية لتكّر السبحة بعدها، علماً أن العراق سبق لبنان في هذا المجال مع دخول أول قاضية عراقية الى السلك القضائي في العام 1956 متقدماً على كل الدول العربية.
يعزو مصدر قضائي تنامي ظاهرة تزايد نسبة النساء في القضاء اللبناني الى عوامل عدة أبرزها طبيعة المرأة “يللي بتدرس أكتر من الشب وما بتلتهى عن الدرس” كما يقول ممازحاً.
يضيف المصدر أن هذه الظاهرة ليست محلية بل عالمية وما يؤكد على ذلك أن نسبة القاضيات في فرنسا على سبيل المثال لا الحصر تتجاوز 64% واذا استمر التصاعد التدريجي في لبنان بنفس الزخم فإننا حتماً سنقارب هذه النسبة خلال سنوات معدودة.
هل نجحت المرأة اللبنانية في مواجهة تحديات المهنة كما في مجالات أخرى؟ الجواب بالإيجاب على لسان المصدر القضائي فهي” تمكنت من ضبط إيقاع المحاكم وفرض هيبة أنثوية على المتقاضين متسلحة بالمادة 26 من قانون العمل اللبناني التي “تمنع  التمييز بين الرجل والمرأة”.
“أكثر من ذلك ،نحن لا نغالي اذا قلنا إن المرأة أثبتت أنها أكثر جدية وأقل فساداً في القضاء وغير القضاء”على ما يقول المصدر عينه، إضافة الى طبيعة سيكولوجية تتمتع بها المرأة ترشدها الى الحقائق”.
“نحن مظلومات بالمطلق” تقول مصدر قضائي مع “تاء التأنيث”، وأولى مؤشرات هذه المظلومية تظهر في معجم اللغة العربية الذي يشير الى أن مؤنث كلمة “قاضي” هو  “قاضية” التي تعني الموت والنهاية، ومن هنا جاءت العبارة الشهيرة “الضربة القاضية”.
التحليل اللغوي منطقي، لكن ماذا عن عوائق وتحديات أخرى؟ تضحك القاضية وتجيب “إلصاق مزايا الرجال بالمرأة القاضية التي تنجح في عملها، فيقال عنها قبضاي وأخت رجال”، وتسترسل مبتسمة “هي توصيفات وألقاب لا نتوقف عندها ،فالتحديات التي تواجه القاضية المتزوجة خصوصاً كثيرة إذ عليها التوفيق بين قدرتها على النجاح في عملها القضائي وواجبات المنزل والأمومة، إضافة الى معضلة أخرى غير ظاهرة للعيان لكنها موجودة تتمثل في تخوف المجتمع الذكوري من عدم قدرة المرأة على مواجهة الملفات القضائية الشائكة في المحاكم المدنية والجزائية والإدارية بشكل عام.
المفارقة أن الأسماء النسائية التي تبوأت مراكز متقدمة باتت تحت الضوء وهي الى تزايد بحيث دخلت الأسماء الأنثوية مجلس القضاء الأعلى الذي هو أعلى هيئة قضائية في لبنان ومحاكم التمييز المدنية والعسكرية ومجلس شورى الدولة ومعهد الدروس القضائية والأمثلة كثيرة، فوزيرة المهجرين السابقة أليس شبطيني كانت تترأس، قبل توليها الحقيبة الوزارية، محكمة التمييز العسكرية بغرفتيها الجنائية والجنحية، وفي المحكمة العسكرية أيضاً قاضية التحقيق نجاة أبو شقرا التي تقارب في عملها ملفات الإرهاب الحساسة، ولا ننسى المستشارة في محكمة التمييز القاضية تيريز علاوي، المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون، المحامي العام الإستئنافي في جبل لبنان نازك الخطيب، المحامي العام المالي دورا الخازن، رئيسة معهد الدروس القضائية ندى دكروب، قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار، رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل هيلانة اسكندر وهي حالياً تشغل منصب مدير عام وزارة العدل بالإنابة بعد تقاعد القاضية ميسم النويري منذ فترة قصيرة ورئيسة “نادي قضاة لبنان” أماني سلامة وهو النادي المولود حديثاً من رحم السلطة القضائية، ولا ننسى القاضية الراحلة دنيز المعوشي التي تولت رئاسة هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل وكانت أول قاضية تدخل الى مجلس شورى الدولة.
وفي الجدول الآتي نستعرض تراتبية دخول المرأة الى السلك القضائي في عدد من الدول العربية والآسيوية:
العراق 1956
السعودية 1961
تونس 1968
السودان 1965
لبنان والجزائر 1969
اليمن 1974
سوريا 1975
ليبيا 1989
الأردن1996
مصر 2003
سلطنة عُمان 2004
البحرين 2006
الإمارات العربية المتحدة 2008
قطر 2010
باكستان 2013
موريتانيا 2014



تاريخ النشر: 2019-07-19 13:30:00

الناشر/الكاتب:

لبنان ٢٤ – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية