لبنان: ليتحصن القاضي بضمانات مادية ومعنوية

نظام الارشفة الالكترونية

فندق

أقيم في قاعة محكمة التمييز في قصر العدل في بيروت، احتفالاً رسمياً بمناسبة اليوبيل المئوي لتأسيس محكمة التمييز، وحضر الاحتفال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وعدد من الشخصيات الرسمية والسياسية. وافتتح الاحتفال بالنشيد الوطني، ثم كلمة لعريفة الاحتفال القاضية رولا جدايل التي رأت أن “حملات الاستهداف والتشكيك في القضاء لن تنال من عزم السلطة القضائية في إحقاق الحق”.

وأشارت إلى أن “محكمة التمييز ولدت في ربوع وطن حمى سيف الحق مواطنوه وكيانه”.رئيس الجمهورية وقتا عون:”لافت أن تكون مقومات ومرتكزات الدولة في لبنان قد وضعت قبل أن يتم إعلان الدولة بحد ذاتها، ومحكمة التمييز اللبنانية واحدة منها، وهي التي سبقت نشأتها إعلان “لبنان الكبير” بعام ونيف، وفي ذلك رسالة صريحة أن إقامة العدالة هي أساس الحكم وأساس الدولة، وهذا ليس غريبا عن بيروت أم الشرائع التي أنشأت فيها أول مدرسة حقوق في العالم في عهد الامبراطورية الرومانية”.وقال: “تعود تسمية “محكمة التمييز” إلى 20 نيسان من العام 1920 حيث كانت مرتبطة بالمندوبية الفرنسية، إلا أن بدايتها ترافقت ووصول الفرنسيين إلى لبنان في العام 1918 بعد حصار جبل لبنان من مأموري السلطنة العثمانية المتهاوية، والمجاعة التي قضت على عدد كبير من سكانه، حيث قيض للفرنسيين الإمساك بزمام الأمور وإعلان الإدارة المؤقتة وإلغاء القوانين والقرارات العثمانية، وصولا إلى تاريخ 17 حزيران 1919 حين صدر عن المفوض السامي الفرنسي القرار 452 المسمى “قانون المحكمة العليا” وتحدد مركزها في بيروت وشمل اختصاصها القضايا المدنية والجزائية”.وتابع: “ما يهمنا اليوم ليس العودة إلى مراحل ما قبل أو بعد 1919 وليس استعراض ما تم على مدى مائة عام في عالم القضاء والمحاكم، بل خلاصة هذا المخاض الطويل، هي أن ثمة أسسا في العدالة، عدالة الأرض، يجب أن تتوافر في كل محكمة وكل محاكمة، نوجزها كالآتي:- على كل متظلم أن يجد قاضيه وأن يكون لشكواه ومظلوميته مرجع أخير يوصله إلى العدالة.- على كل متظلم متقاض أن يلقى محاكمة عادلة.- على كل متظلم متقاض أن يتمتع بضمانات، هي أصلا في صلب دستورنا، وفي المادة 20 منه تحديدا التي لم ينل منها أي تعديل منذ وضع الدستور، ضمانات متوازية مع ضمانات القضاة وذات مرتبة واحدة، ومنها قرينة البراءة وحق الدفاع والوجاهية واستئناف الأحكام وطلب نقضها عند توافر شروط النقض وعدم إرهاق المتقاضين بتكاليف باهظة ينفرون منها عن عجز وليس عن اقتناع.- على كل متظلم متقاض أن ينال محاكمة سريعة وليس متسرعة، ذلك أن كل عدالة متأخرة هي نقيض العدالة لا بل هي من قبيل الامتناع عن إحقاق الحق.- تعرفون الحق والحق يحرركم، من التوراة إلى إنجيل يوحنا، ومن القرآن الكريم إلى السيرة الشريفة والنهج، الحق والحقيقة توأمان لا ينفصلان”.أضاف: “ويبقى أن القاضي يجب أيضا ان يتحصن بضمانات، مادية ومعنوية، إلا أن أهمها تبقى الاستقلالية، استقلالية السلطة الدستورية واستقلالية القاضي الفرد عند اختلائه وضميره وقلمه وعلمه منصرفا إلى الحكم”.واكد عون “إن السلطة الدستورية المستقلة مسؤولية قبل أن تكون عطية، فاستحقوها ومارسوها بالعمل الدؤوب، فتفرضون ذواتكم على من يتنكر لكم ولسلطتكم”.وقال: “كلمتي لكم في مناسبة يوبيل محكمتكم المئوي يا قضاة التمييز، وقد أولاكم القانون توحيد الاجتهاد، إن اجتهدوا كي تحققوا العدالة وتعطوا المثل الصالح لأترابكم من القضاة الذين سيصبحون يوما في مواقعكم ودرجاتكم، حتى إن اجتمعتم في هيئة عامة للتصدي لخطأ جسيم في الأحكام، شخصت الأنظار إليكم وإلى قراراتكم تستلهم منها العدل الصافي. فالعدل في النهاية طمأنينة للنفوس والأوطان، كثرته تقي من الانزلاق إلى الفوضى والظلم والعنف. وعلى ما يقول فيلسوف لبنان الكبير جبران خليل جبران: “إن لم يجر بينكم التبادل بالحب والعدل، شرهت فيكم نفوس وجاعت أخرى”عشتم، عاش قضاء لبنان وعاش لبنان”.  
الشدياق
وألقى نقيب المحامين في بيروت اندره الشدياق كلمة باسم نقابتي بيروت والشمال قال فيها: “في زمن المئويات، تتوالى الاحتفالات به، بدءا من مئوية نقابة المحامين في بيروت، فمئوية اليوم، وبعد عام وبضعة أشهر مئوية إعلان دولة لبنان الكبير، وصولا بعد سنتين إلى مئوية نقابة المحامين في طرابلس والتي شرفني نقيبها الزميل الأستاذ محمد المراد بإلقاء كلمتها هذه الصبيحة فكانت هذه الكلمة الموحدة لنقابتينا”.وأضاف: “صاحب الفخامة، يشاء القدر ان تكون ولايتكم الرئاسية شاهدة على هذه المناسبات وغيرها، إستذكارا للمرحلة الأخيرة التي توجت منذ قرن التكوين التاريخي للكيان الدستوري والقانوني والسياسي للأمة اللبنانية. وإذا كان الزمن يترهل ويتراخى، ومعه تتلاشى وتتداعى الذاكرة، فمن دواعي السرور، التوكيد على التراشح بين رسالة المحاماة ووظيفة القاضي المنبثقة من السلطة القضائية الدستورية المستقلة الحاكمة بإسم الشعب اللبناني مصدر السلطات”. سرحانوتلاه وزير العدل البيرت سرحان، الذي قال: “إن رعايتكم، فخامة الرئيس، وحضوركم شخصيا مع أركان الدولة، هو دليل على إيمانكم بدولة القانون التي لا تستقيم إلا بوجود قضاء مستقل ونزيه، أو عبثا نتكلم عن قيام الدولة إذا لم يكن قضاؤها سيد نفسه، مستقل الإرادة والقرار، منزها عن كل الأهواء، متمتعا بكفاءة عالية متسلحا بالقانون والضمير”.وأضاف: “اليوم تطوي محكمة التمييز القرن الأول من عمرها، وتدخل في الزمن الآتي أكثر نضارة وأشد رسوخا في الحق. فهي أنشئت سنة 1919 قبل عام واحد من إعلان دولة لبنان الكبير، فكأنما أريد لها، بهذا التتابع الزمني، أن تكون إحدى الركائز الأساسية في بناء الدولة الناشئة، تحرس قوانينها وتحفظ حقوق أفرادها ومؤسساتها عبر تثبيت العدالة وممارسة الرقابة على قرارات محاكم الاستئناف”.فهدوألقى رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد كلمة توجها فيها الى رئيس الجمهورية: “للمرة الثانية هذه السنة، والثالثة منذ بداية عهدكم، نتشرف باستقبالكم في قصر العدل، محاطا بدولة رئيس مجلس النواب المحامي الاستاذ نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سعد الحريري، فتؤكدون بذلك، مرة جديدة حرصكم على مشاركة السلطة القضائية المحطات الأساسية في مسيرتها لاحقاق الحق وتعميم العدالة. وكما أكدتم في كل مناسبة حرصكم على استقلالية السلطة القضائية، تجددون اليوم بوجودكم معنا في المئوية الأولى لمحكمة التمييز ثقتكم بهذه السلطة التي تنظر إليكم مدافعا عن حقوقها، محافظا على تجردها، وحريصا على وحدتها، ساعيا دائما الى تشجيع التفاهم والحوار والاصغاء بين أفراد اسرتها. فأهلا بكم فخامة الرئيس وصاحبي الدولة والحضور الكرام”.واضاف: “كانت الدنيا على غليان، وعلى مشارف التحول السياسي والكياني والإداري، يوم شهدت بيروت إنشاء محكمة عليا، في السابع عشر من شهر حزيران عام 1919. كان منشئها أحد المسؤولين العسكريين الكبار في الجيش الفرنسي النازل في ديارنا، الكولونيل ليونيل كوبان Leonel Copin الذي شاء أن يخفف الأعباء القضائية عن أبناء هذه المنطقة، المنهكين أصلا لغير سبب، فنقل، بريشة رؤيوية حاسمة، مركز المراجعة التمييزية من اسطنبول إلى بيروت، ومن عهد بائد إلى فجر جديد”.وختم: “مئة عام من العدالة في لبنان؟ إننا تواقون، في هذه المناسبة، إلى عدالة تحضن مجتمعنا ودولتنا، وتكون دائمة التجدد”.



تاريخ النشر: 2019-06-12 16:49:59

الناشر/الكاتب:

لبنان ٢٤ – تفاصيل الخبر من المصدر

نظام الارشفة الالكترونية